لم يقف جهاد ابن تيمية عند الجهاد بالقلم واللسان وإنما تعداه إلى القتال في سبيل الله بالسيف والسنان، وله سجل مشرف في قتال التتار الغازين لديار المسلمين. فقد تصدى للتتار بكل ما يملك من قوة علمية ونفسية بل بدنية، فقد وقف في دمشق مع نائب السلطان الأفرم يحرض المسلمين على الثبات ضد التتار في حين فر من المدينة أكثر العلماء وكبار رجال الدولة، كما أغلظ لسلطان التتار غازان لسوء معاملته للمسلمين مع ما في ذلك من خطر على حياته، ولما رأى اشتداد خطرالتتار سافر من سوريا إلى مصر، وحرض السلطان الناصر ورجاله على حرب التتار بعبارات شديدة، ثم اشترك بنفسه في معركة "مرج الصفر"، وانطلق بين الجنود يحرضهم ويؤكد لهم استحقاقهم لنصر الله ما داموا قد أخلصوا في طاعة الله. ثم انطلق يقاتل معهم قتالا شديدا ضد التتار. (1)
دور الشيخ محمد بن عبد الوهاب في تجديد الدعوة السلفية
ولد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في بلدة العيينة سنة 1115 هـ. ونشأ نشأة علمية دينية، ورحل في طلب العلم، وتأثر كثيرا بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية (2) رحمه الله وتلميذه ابن القيم (3) رحمه الله.
ولقد وجد الشيخ محمد بن عبد الوهاب الأوضاع المتردية في نجد وما حولها، وانتشار البدع والخرافات بين الناس، حتى شاع فيهم صرف العبادات لغير الله تعالى والوقوع في الشركيات، والتعلق بالأشجار والأحجار والأولياء وقبور الصالحين والتوسل والتبرك بها لتفرج الكربات وقضاء الحاجات.
__________
(1) - راجع في ذلك: مقارنة بين الغزالي وابن تيمية: د. محمد رشاد سالم ص25 - 26، البداية والنهاية جـ14.
فوات الوفيات لابن شاكر 1/ 72 - 73. والعقود الدرية ص118 وما بعدها.
(2) - لذا فكثيرا ما يستشهد بأقواله وفتاويه في رسائله.
(3) - ويدل على ذلك اختصاره لكتابه القيم (زاد المعاد). ...