كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

هل نحن أمة لا ماضي لها تعتبر به؟ هل نحن أمة لا منهج لها تسير عليه؟ هل نحن نحتاج إلى الأخذ بمناهج الغرب تارة، أملا في الخروج مما نحن فيه؟ لقد تعرضت أمتنا عبر تاريخها الطويل لفترات من الضعف والتخاذل، ولاقت مرات من الفشل والهزائم، ولكنها كانت تقوم من كبوتها في كل مرة فور عودتها إلى التمسك بكتاب ربها وسنة نبيها - صلى الله عليه وسلم -. فما بالنا بعد أن تخلصنا من الاستعمار وحررنا إرادتنا بالاستقلال لم نرجع إلى التمسك بديننا، وآثرنا أن نجرب مناهج الغرب والشرق التي لا تهتدي بهدي السماء.
لقد عاشت مصر على سبيل المثال قبل الإسلام قروناً في ظل حكم الرومان، تابعة مقهورة، وما إن فتحها عمرو بن العاص ورفاقه - رضي الله عنه - حتى تحولت من رق العبودية للرومان إلى عز الحرية والإسلام، وتبدلت من تابعة مقهورة إلي رائدة منصورة، فشارك المصريون بنصيب وافر في الفتوحات الإسلامية في إفريقيا وغيرها، وهزموا التتار العتاة، ودحروا الصليبين الغزاة، وكان فيهم من العلماء البارزين والرجال الناجحين الكثير والكثير. وكنا جزءا من حضارة إسلامية عظيمة بلغ اتساعها الآفاق وأدركت أمجادها عنان السماء، فلما طال بنا الأمد وقست قلوبنا وبعدنا عن الكتاب والسنة والاقتداء بسلف الأمة صرنا إلى ما نحن فيه من الهوان والضياع.
يقول الله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} (الحديد: 16) .
ويقول تبارك وتعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (النور: 55) .

الصفحة 4