كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

والسنة وحي من عند الله. قال تعالى: {وأنزل الله عليكم الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما} (النساء: 33) . ولذا لا يجوز الاستغناء عنها بزعم الاكتفاء بالقرآن. بل من علم القرآن وجد فيه السنة {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (الحشر: 7) . وهي تبين القرآن {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل: 44) . ويستحيل تعارض القرآن مع السنة الصحيحة، كما لا تتعارض السنة مع السنة بغير إمكان الجمع بتخصيص أو تقييد أو نسخ أو غير ذلك. والكتاب والسنة بمنزلة واحدة من جهة التشريع وإن كان القرآن يقدم تشريعا وتعظيما وفضلا فهو كلام الله. (1)
ويجب تقديم الحديث على الرأي والقياس والعرف والمصلحة المرسلة وأقوال العلماء وأئمة المذاهب وعمل بعض الأئمة. وأهل السنة لا يختلفون في ذلك كأصل وإنما يقع خلافهم في تطبيقه كثبوت الحديث صحة وضعفا، وعمومه أو خصوصه وإطلاقه أو تقييده، لكن لا يقدم عند أحد منهم قول أحد على قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكلهم قال: "إن صح الحديث فهو مذهبي". أو نحوها. (2)
ومصادر أدلة الأحكام الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وهذه متفق عليها عند أهل السنة وما سوى ذلك فمحل اجتهاد بينهم مثل قول الصحابي والمصالح المرسلة والاستصحاب وغيرها. (3)
وبالجملة قد (اجتمع المسلمون من عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وحتى يومنا هذا على وجوب الأخذ بالأحكام التي جاءت بها السنة النبوية وضرورة الرجوع إليها لمعرفة الأحكام الشرعية، والعمل بمقتضاها، فما كان الصحابة ولا من جاء بعدهم يفرقون بين حكم ورد في القرآن وبين حكم وردت به السنة، فالجميع عندهم واجب الاتباع، لأن المصدر واحد، وهي وحي الله، والوقائع الدالة على إجماعهم كثيرة لا تحصى) . (4)
__________
(1) - المرجع السابق: ص55، ص56.
ويدل على كون السنة وحيا قوله تعالى: {وما ينطق عن الهوى () إن هو إلا وحي يوحى} (النجم: 3-4) .
(2) - المرجع السابق: ص55.
(3) - المرجع السابق: ص56.
4- الوجيز في أصول الفقه: د. عبد الكريم زيدان: ص163.

الصفحة 43