كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

مناظرة بالكتاب والسنة من آثار السلف الصالح

دخل غيلان على عمر بن عبد العزيز - وكان قد تكلم في القدر- فقال له عمر: ويحك يا غيلان ما هذا الذي بلغني عنك؟ قال: يا أمير المؤمنين أتكلم فتسمع قال: تكلم. فقرأ غيلان أول سورة الإنسان وفيها:
{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} (الإنسان: 3) يؤيد به قوله في القدر. فقال عمر: ويحك من ههنا تأخذ الأمر وتدع بدء خلق آدم عليه السلام؟ ثم تلا عليه قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} (البقرة:30) إلى قوله تعالى: {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} (البقرة: 33) .
ومراد عمر تذكيره بالأصل والمبدأ، وأن الله خلق الإنسان، وخلق أعماله، ولا ينفي ذلك مسؤوليته عما يفعله.
فقال غيلان: والله يا أمير المؤمنين لقد جئتك ضالا فهديتني وأعمى فأبصرتني وجاهلا فعلمتني، والله لا أتكلم في شيء من هذا الأمر أبداً.
ولكن غيلان نقض العهد بعد وفاة عمر بن عبد العزيز في زمان هشام. فجاء به هشام وذكره بقول الله تعالى في سورة الفاتحة: {إياك نعبد وإياك نستعين} وسأله هشام: علام استعنته على أمر بيده لا تستطيعه إلا به، أو على أمر في يدك؟ ثم أمر به ليضربوا عنقه. (1)
2 - تقديم النقل على العقل
سار السلف على تقديم الأدلة الشرعية (السمعية-النقلية) في إثبات عقائد الدين وحقائقه الدينية، ورفضوا رفضاً قاطعاً إتباع منهج علماء الكلام في الاستدلال بالأدلة العقلية المأخوذة من علم الكلام والفلسفة.
__________
(1) - منهج علماء الحديث والسنة في أصول الدين د. مصطفى حلمي ط. دار الدعوة الإسكندرية ص45 - 46 نقلاً عن "التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع" للملطي ص168 وكتاب السنة لأحمد بن حنبل. السلفية بمكة المكرمة سنة 1349هـ جـ2 / ص127.

الصفحة 48