كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

وعن أبي المعالي الجويني قال:
"لقد جلت أهل الإسلام جولة وعلومهم وركبت البحر الأعظم، وغصت في الذي نهوا عنه، كل ذلك في طلب الحق، وهرباً من التقليد، والآن فقد رجعت عن الكل إلى كلمة الحق، عليك بدين العجائز، فإن لم يدركني الحق بلطيف بره فأموت على دين العجائز، ويختم عافية أمري عند الرحيل بكلمة الإخلاص، فالويل لابن الجويني". وكان أيضاً يقول لأصحابه: "يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي ما بلغ ما اشتغلت به". وذكر عن الحفيد ابن رشد وهو أعلم الناس بالفلسفة أنه قال: "ومن الذي قال في الإلهيات شيئاً يعتد به؟ ".
وذكروا عن الشهرستاني أنه لم يجد عند الفلاسفة والمتكلمين إلا الحيرة والندم. وقال في ذلك:
لعمري لقد طفت المعاهد كلها... وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعاً كف حائر... على ذقن أو قارعاً سن نادم
وقال الفخر الرازي:
نهاية إقدام العقول عقال... وغاية سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جوفنا... وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا... سوى أن جمعنا فيه قيل وقال
وعن أبي المعالي الجويني قال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما اشتغلت بالكلام.
وعن أبي حامد الغزالي قال: "من أشد الناس غلواً أو إسرافاً طائفة من المتكلمين كفروا عوام المسلمين، وزعموا أن من لا يعرف الكلام معرفتنا ولم يعرف العقائد الشرعية بأدلتها التي حررناها فهو كافر. فهؤلاء ضيقوا رحمة الله على عباده أولاً، وجعلوا الجنة وقفاً على شرذمة يسيرة من المتكلمين".

الصفحة 55