وقال أيضاً: "وأما الخلافيات التي أحدثت في العصور المتأخرة، وأبدع فيها من التحريرات والتصنيفات والمجادلات ما لم يعهد مثلها في السلف، فإياك أن تحوم حولها، واجتنبها اجتناب السم القاتل فإنها الداء العضال. واحترز من شياطين الإنس، فإنهم أراحوا شياطين الجن من التعب في الإغواء والضلال". (1)
والمتأمل لعلم الكلام ومحصلته يتبين له مخالفته للشرع من وجوه منها:
1- إن مباحثه مبتدعة محدثة.
2- أن دراسته تشغل عن دراسة الكتاب والسنة.
3- أن منهجه مغاير للمنهج القرآني في عرض مسائل العقيدة وتناولها.
4- أن مبادئه وأصوله تتنافى مع الكتاب والسنة.
5- إن الاشتغال بعلوم الكلام أدى إلى تفكك وحدة الأمة، وأوقع الكثيرين في الشك والحيرة والتخبط بل والإلحاد. (2)
6- أنهم لم يفلحوا في الرد على أهل الكتاب من اليهود والنصارى، ومحصلة جهودهم هنا غير كافية، مع أنهم ما أحدثوا منهجهم إلا بزعم الرد على المخالفين بأدلة عقلية لا شرعية لعدم إيمان أهل الكتاب بالقرآن والسنة. (3)
__________
(1) - راجع في ذلك: تفسير الشنقيطي لقوله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن} .والسيوطي في صون المنطق والكلام.
(2) - راجع في ذلك رسالة الدكتوراه (موقف الإمام ابن القيم من آراء المتكلمين) للدكتور محمد سعيد صبري صالح.
(3) - وقد نجح العلماء السلفيون في إفحام أهل الكتاب وبيان ضلالهم بأدلة القرآن والسنة، كما في "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" لابن تيمية، و"هداية الحيارى في الرد على أسئلة اليهود والنصارى" لابن القيم. يقول ابن تيمية: "كثير من المصنفين في الكلام لا يردون على أهل الكتاب إلا ما يقولون أنه يعلم بالعقل مثل تثليث النصارى ومثل تكذيب محمد - صلى الله عليه وسلم - ولا يناظرونهم في غير هذا من أصول الدين، وهذا تقصير منهم ومخالفة لطريق القرآن، وقد ذكرت في الرد على النصارى من مخالفتهم للأنبياء كلهم مع مخالفتهم لصريح العقل ما يظهر به من كفرهم ما يظهر".