كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

واختلاف الأحزاب فكيف يعارض كلام الله وكلام رسوله المعصوم - صلى الله عليه وسلم - بأقوال من يجوز عليه الخطأ والضلال؟
ولا يأتي الشرع بما يرفضه العقل، فلا يعارض نقل صحيح عقلاً صحيحاً، والشرع قد يأتي بما تحتار فيه العقول، ولكن لا يأتي بما يستحيل على العقل أن يتقبله.
والعقل يوجب علينا تصديق الشرع في كل ما أخبر به، لأن العقل آمن برسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو المبلغ عن الله فوجب الأخذ بما جاء به من الوحي.
ومقام التصديق بالرسول - صلى الله عليه وسلم - يوجب اتباعه لا معارضته أو مخالفته ولو قلنا برد العقل للنص الذي أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - لكنا بذلك قد أبطلنا دلالة العقل التي أوجبت علينا قبول كل ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم -.
والرد إلى الشرع يحدث الائتلاف والاجتماع، وهو انقياد لأمر واحد يتصف بالصدق، ولا يوجد ما يمنع اجتماع الخلق على الأدلة الشرعية.
بخلاف العقل فالرد إلى عقول الرجال يسبب اختلاف الآراء وقبول رأي منها لا يعني صدقه يقيناً، فلا سبيل إلى ثبوته ومعرفته، ولا هو وسيلة لجمع الناس واتفاقهم.
فالعقل وان كان شرعا مناط التكليف، ولكن الشرع لم يجعل له دوراً في تشريع الحلال والحرام ووضع الواجبات الدينية والمنهيات الشرعية.
إن التنزيل جاء برد الناس عند التنازع إلى الكتاب والسنة وهذا يوجب تقديم السمع لا العقل وقال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} (النساء: 59) .
وقال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ} (الأعراف: 3) .

الصفحة 58