أما علماء الكلام وأتباع الفلاسفة فإنهم:
يقدسون العقل غاية التقديس، بل أن بعض الفلاسفة يرى أن العقل عيناً قائمة بنفسها.
ويرون أن دلالة العقل قطعية وبرهانية يقينية.
ويحصرون الاستدلال بالعقل في مصطلحاتهم الكلامية وبراهينهم المأخوذة من المنطق والفلسفة.
ويجعلون للعقل إحاطة كلية وإدراكاً واسعاً لكل ما في الكون، وقدوة على الوصول إلى الحقائق الغيبية، لذا يخوضون بعقولهم في أمور الإلهيات والغيبيات وما وراء الطبيعة.
لذا فهم يوجبون على الله تعالى ما توجبه عقولهم، ويمنعون عن الله ما تمنعه عقولهم، فيما يتعلق في أفعال الله عز وجل وصفاته وأسمائه.
ولذا فهم يخضعون بالتأويل نصوص الشرع من الكتاب والسنة لما ذهبت إليه عقولهم من الأدلة. فأدلتهم العقلية أصل والشرع تابع لها. (1)
ويلزمهم على ذلك:
- أن ظاهر الكتاب والسنة قد يخالف العقل.
- أن دلالة العقل قطعية.
- أن دلالة النص ظنية.
- أن الواجب صرف النص عن ظاهره ليوافق العقل إن تعارضا.
- أن الأخذ بظاهر الكتاب والسنة يؤدي إلى الضلال في أمهات مسائل أصول الدين.
__________
(1) يقول ابن تيمية رحمه الله: "والعجب أن من هؤلاء أي مدعي النظر والاستدلال من يصرح بأن عقله إذا عارضه الحديث لاسيما في أخبار الصفات حمل الحديث على عقله وصرح بتقديمه على الحديث وجعل عقله ميزاناً للحديث. فليت شعري هل عقله هذا كان مصرحاً بتقديمه في الشريعة المحمدية فيكون من السبيل المأمور باتباعه؟ أم هو عقل مبتدع جاهل ضال حائر خارج عن السبيل؟ فلا حول ولا قوة إلا بالله" ا. هـ من "نقض المنطق" لابن تيمية ص 49.