كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

وذكر الإمام أحمد قلعة حصينة ملساء لا فرجة فيها ظاهرها كالفضة المذابة وباطنها كالذهب الإبريز، ثم انشقت الجدران وخرج من القلعة حيوان بصير فلابد من الفاعل. عنى بالقلعة البيضة وبالحيوان الفرخ.
وسأل هارون الرشيد الإمام مالكاً عن ذلك فاستدل باختلاف الأصوات وتردد النغمات وتفاوت اللغات.
واستحسن العلماء واحتجوا بقول لأعرابي سئل عن الدليل فقال: "البعرة تدل على البعير، والروث على الحمير، وآثار الأقدام على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، أما تدل على الصانع الحليم العليم القدير؟ "
وعن الحسن البصري قال: "كانوا - يعني الصحابة- يقولون الحمد لله الذي لو جعل هذا الخلق دائماً لا ينصرف لقال الشاك في الله: لو كان لهذا الخلق رب لحادثه، وأن الله قد حادثه بما ترون من الآيات: أنه جاء بضوء طبق ما بين الخافقين، وجعل فيها معاشاً وسراجاً وهاجا، ثم إذا شاء ذهب بذلك الخلق وجاء بظلمة طبقت ما بين الخافقين، وجعل فيها سكناً، ونجوماً وقمراً منيراً، وإذا شاء بنى بناء جعل فيه من المطر والبرق والرعد ما شاء وإذا شاء صرف ذلك، وإذا شاء جاء ببرد يقرقف الناس - أي يرعدهم- وإذا شاء ذهب بذلك وجاء بحر يأخذ بالأنفاس الناس، ليعلم الناس أن لهذا الخلق رباً يحادثه بما يرون من الآيات، كذلك إذا شاء ذهب بالدنيا وجاء بالآخرة".
حادثه: أي جدده وجوده، فهو حادث، ويتعدى بالألف فيقال (أحدثه) .
ودار نقاش بين راهب وخالد بن يزيد بن معاوية عن أحوال أهل الجنة. فسأله الراهب: "أليس تقولون أنكم في الجنة تأكلون وتشربون لا يخرج منكم أذى؟ أفلهذا مثل تعرفونه في الدنيا؟ قال خالد: نعم الصبي يأكل في بطن أمه من طعامها وشرابها ثم لا يخرج منه أذى. قال الراهب: أليس تقولون أن الجنة تأكلون فيها فواكه ولا ينقص منها شيء؟ أفلهذا مثل في الدنيا تعرضون؟ قال خالد: نعم الكتاب يكتب منه كل شيء ثم لا ينقص منه شيء".

الصفحة 62