كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

المبينة على البراهين التي تخاطب الإنسان أينما كان وحيثما وجد، وكلها دل عليها القرآن الذي وصفه الله تعالى بأنه يهدي للتي هي أقوم. (1)
وسنذكر هنا طرفاً من ذلك إن شاء الله تعالى.
أمثلة للأدلة العقلية في القرآن الكريم

إثبات وجود الخالق عز وجل:
وردت بالقرآن الكريم آيات عديدة تحتوي على أدلة عقلية واضحة في إثبات وجود الخالق عز وجل فمن أمثلة ذلك:
1 - قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (البقرة: 164).
2 - قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لأُولِي الأَلْبَابِ} (الزمر: 21).
ويسترعى الانتباه أن هذه الأدلة العقلية ليست أدلة جافة جامدة كأداة المتكلمين، وهي إلى جانب إثبات وجود الخالق عز وجل تبعث في النفس الإقرار بنعمه وآلائه، والشعور بالخضوع له، وتبين قدرته على الخلق والإبداع، وأنه على كل شيء قدير، فليست مجرد إثبات صانع للكون لا يعرف عنه شيئاً إلا إثبات وجود مطلق له، دون تعريف بهذا الخالق، وإثبات هذا الوجود أمر مشترك بينه وبين مخلوقاته، لم تزد عليه أدلة المتكلمين شيئاً. ناهيك عن وقع هذه الآيات على النفس وزيادة اليقين والهدى في القلب بها، وزيادة إيمان العبد بالله تبارك وتعالى خالقه ومولاه.
__________
(1) - منهج علماء الحديث والسنة: ص147 يقول ابن تيمية في الفتاوى جـ12/ 8: "القرآن قد دل على الأدلة العقلية التي بها يعرف الصانع وتوحيده وصدق رسوله، وبه يعرف إمكان المعاد، ففي القرآن من بيان أصول الدين التي تعلم مقدماتها بالعقل الصريح ما لا يوجد مثله في كلام أحد من الناس، بل عامة ما يأتي به حذاق النظار من الأدلة العقلية يأتي القرآن بخلاصتها وبما هو أحسن منها بالحق وأحسن تفسيرا، قال تعالى: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} (الفرقان: 33).

الصفحة 67