كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

ومنها دلالة خلق الله تعالى للعباد في النشأة الأولى، وخلقه لما هو أعظم أي السموات والأرض، فهو عز وجل على كل شيء قدير.
قال تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (يس: 78 - 82) .
فهذه الحبة الساكنة وهي أشبه بجماد هامد قد تترك على ذلك أسابيع أو أشهر أو سنوات، فإذا وضعت في باطن الأرض، وسقيت بالماء، انبعثت فيها الحياة والحركة، والأرض الجرداء قد تترك هامدة السنين الطوال، ثم ينبتها ماء المطر فإذا هي قد اهتزت وربت.
والشجر الأخضر الرطب بالماء الذي ينبض بالحياة، إذا جف ويبس أوقدته النار، وهذا الاشتعال يضاد رطوبته ومائه. فسبحان الخلاق العليم الذي هو على كل شيء قدير.
أفيعجزه بعث الأبدان من الأجداث بعد الموت؟؟
قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} (الروم: 27) .
قال تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ} (يس: 81) .
قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (الأحقاف: 33) .
والآيات في ذلك كثيرة والأساليب متعددة ولسنا بصدد الإفاضة فيها والحصر لها (1) وفيما ذكرنا كفاية في إثبات المطلوب.
__________
(1) - راجع في ذلك تفسير مفاتيح الغيب للرازي المجلد الأول ص521-526. ففيه بيان لأساليب قرآنية أخرى في إثبات الحشر والمعاد والبعث والنشور بعد الموت.

الصفحة 72