الجدل والمجادلة في القرآن الكريم
الجدل لغة: شدة الخصومة والقدرة عليها، ومقابلة الحجة بالحجة وجادله: أي خاصمه.
والمجادلة: المناظرة والمخاصمة.
يقال: جادلتُ الرجل فجدلته جدلاً أي غلبته ورجل جدل إذا كان أقوى في الخصام.
وفي الحديث النبوي: (ما أوتي الجدل قوم إلا ضلوا) .
والمراد بالجدل في الحديث: الجدل على الباطل وطلب المغالبة به لا إظهار الحق، فإن ذلك محمود، لقوله تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} . (1)
وبالنظر إلى ورود لفظ (الجدل) ومشتقاته في القرآن الكريم في مواضع عديدة يتبين أن الجدل منه ما هو مذموم ومنه ما هو جائز شرعاً وممدوح.
أما الجدل المشروع فما كان في الدعوة إلى الله عز وجل والدفاع عن الحق. قال تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل: 125) . وهذا الجدل المشروع شروطه:
1 - أنه للدفاع عن الحق الذي جاء به الشرع وللدعوة إليه.
2 - أنه موافق للكتاب والسنة ومستمد من أدلتهما.
قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} ببيان الحق لمن يحتاج إلى معرفته بأدلته من كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - {وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} لمن يعص الله على علم فيذكر بالله وباليوم الآخر {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} في حق أولئك المكابرين المعاندين أهل الكفر والشرك.
وفي المقابل فالجدل المذموم ما خالف ذلك، فهو جدل مخالف للحق، مخالف لأدلة الكتاب والسنة، لا يراد به وجه الله، ولا يستمد أدلته من الكتاب والسنة يريد به صاحبه معارضة الحق الذي جاء به الشرع، من أجل الباطل الذي هو عليه.
__________
(1) - يراجع في ذلك لسان العرب لابن منظور جـ1/ ص571 طبعة دار المعارف.