كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} (غافر: 56) .
ويدخل في جملة الدلالة على مشروعية المجادلة بالحق ما ورد عن مجادلات رسل الله السابقين ومناظراتهم مع أقوامهم، وكذلك ما ورد في مجادلة النبي - صلى الله عليه وسلم - للكفار والمشركين.
وقد ظن بعض المتكلمين أن ورود الأمر بالمجادلة دليل على مشروعية تعلم وممارسة علم الكلام، وهذا باطل، يعلم بطلانه من سنن الأنبياء والسابقين، فما عرفوا علم الكلام، ولا مارسوه، ولا يعلم عن نبي أنه كان فيلسوفاً أو متكلماً. ونبينا - صلى الله عليه وسلم - في محاوراته ومراسلاته مع الكفار والمشركين لم يستعمل مصطلحات المتكلمين ولا طرقهم. فعلم من هديهم صلوات الله وسلامه عليهم أن الجدل المراد شرعاً بخلاف جدل المتكلمين وبعيداً عن مصطلحاتهم. ومن الآيات في جدل أنبياء الله ورسله:
قال تعالى: {قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} (هود: 32) .
قال تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ} (هود: 74) .
وقال تعالى: {أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ} (الأعراف: 71) .
وأما الجدل في عهده - صلى الله عليه وسلم - فوردت فيه آيات:
قال تعالى: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (النساء: 109) .
قال تعالى: {وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} (الحج: 68) .
قال تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} (المجادلة: 1) .
قال تعالى: {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ} (الرعد: 13) .

الصفحة 78