قال: ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت وأن عيسى يأتي عليه الفناء؟ قالوا: بلى.
قال: ألستم تعلمون أن ربنا قيم على كل شيء يكلؤه ويحفظه ويرزقه؟ قالوا: بلى.
قال: فهل يملك عيسى من ذلك شيئاً؟ قالوا: لا.
قال: ألستم تعلمون أن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء؟ قالوا: بلى.
قال: فهل يعلم عيسى من ذلك شيئاً إلا ما علم؟ قالوا: لا.
قال: فإن ربنا صور عيسى في الرحم كيف شاء.
قال: ألستم تعلمون أن ربنا لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب ولا يحدث الحدث؟ قالوا: بلى.
قال: ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة، ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها؟ ثم غذي كما يتغذى الصبي ثم كان يطعم الطعام ويشرب الشراب ويحدث الحدث؟ قالوا: بلى.
قال: فكيف يكون هذا كما زعمتم؟
قال: فعرفوا ثم أبوا إلا جحوداً. فأنزل الله تعالى: {الم (1) اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (آل عمران: 1-2) ". (1)
حجية أحاديث الآحاد في العقائد والأحكام
ومن أساليب المتكلمين التي يبررون لأنفسهم بها نبذ الكتاب والسنة زعمهم أن حديث الآحاد لا يحتج به في العقائد، فيسقطون السنة النبوية من حساباتهم في إثبات أمور العقيدة والتوحيد، إذ إن أكثر السنة النبوية آحاد، والمتواتر منها بالنسبة إلى الآحاد قليل.
وحجتهم أن الأحاديث المتواترة تفيد القطع واليقين فيحتج بها، وأحاديث الآحاد - على كثرتها - ظنية تفيد العلم الظني لا اليقيني. فيعمل بها في الأحكام لا في العقائد، إذ إن الشرع نهى عن اتباع الظن والأخذ به.
__________
(1) - منهج علماء الحديث والسنة في أصول الدين: د. مصطفى حلمي ط. دار الدعوة الإسكندرية: ص36 - 37. نقلاً عن الواحدي في أسباب النزول ص61 - 62ط. الحلبي 1388هـ-1968 م.