وحديث الآحاد هو كل حديث لم يبلغ حد التواتر، حتى وإن كان مستفيضاً، حتى وإن كان صحيحاً مما اتفق عليه البخاري ومسلم وتلقته الأمة عنهما بالقبول.
والمحصلة: نبذ أكثر السنة النبوية وقصر الاحتجاج في أغلب مسائل العقيدة والتوحيد على القرآن وحده مع تقديم أقوال المتكلمين وآرائهم على الآيات عند تعارضهما في الأذهان مستخدمين التأويل لصرف المعاني عن ظاهرها لتوافق مذاهب المتكلمين.
والصواب: أن أحاديث الآحاد الصحيحة حجة بنفسها في العقائد والأحكام لا يفرق بينها وبين الأحاديث المتواترة وعلى هذا جرى علماء الأمة جيلاً بعد جيل (1) والتفريق بين الأحاديث المتواترة والآحاد في الاحتجاج في العقائد باطل من وجوه منها:
1 – أن هذا القول قول مبتدع محدث، لا أصل له في الشريعة، لم يعرفه السلف الصالح رضوان الله عليهم، ولم ينقل عن أحد منهم، ولا خطر لهم على بال، (2) وفي الحديث: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) (متفق عليه) ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) . رواه أحمد وأصحاب السنن والبيهقي. والجملة الأخيرة منه عند النسائي والبيهقي بإسناد صحيح.
وإنما قال هذه المقالة جماعة من علماء الكلام، وأخذ بها من تأثر بهم من علماء الأصول من المتأخرين، وتلقاها عنهم بعض المعاصرين بالتسليم دون مناقشة أو برهان.
وما هكذا شأن العقيدة خاصة ممن يشترطون لثبوت مسائلها بثبوتها بأدلة قطعية عندهم.
__________
(1) - راجع في ذلك للأهمية:
- "الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام" و"وجوب الأخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة والرد على شبه المخالفين" كلاهما للشيخ الألباني رحمه الله.
- الفتاوى لابن تيمية: جـ18 / 16، جـ 20 / 257.
- الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة: لابن القيم جـ2/357– 379، جـ2/420 –434.
- إحكام الأحكام لابن حزم: جـ1/119 – 133.
- الرسالة للشافعي: ص401 – 431.
(2) رد خبر الآحاد في العقائد مذهب المعتزلة وتابعهم عليه الأشاعرة والماتريدية.