كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (الحجرات: 6) . وفي قراءة {فتثبتوا} .
ومفهوم الآية قبول خبر الواحد الثقة.
وفي الأحاديث الحث على تبليغ ما أخر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلازم ذلك قبول خبره من الواحد طالما أنه من طريق صحيح (1) .
فإن قيل: أحاديث الآحاد تفيد الظن والشرع نهى عن اتباع الظن. (2) فجوابه:
هذا في الظن المرجوح الذي لا يفيد علماً. فيكون قائماً على الهوى مخالف للشرع. وليست أحاديث الآحاد من ذلك في شيء. بل هي من الشرع.
ولازم ذلك رد العمل بأحاديث الآحاد في الأحكام والمعاملات إذا اعتبرناها من الظن المنهي عن الأخذ به شرعاً. وهذا باطل غاية البطلان.
وعلى هذا نقول:
أين الدليل الذي يعتد به على ترك العمل بحديث الآحاد في العقائد والتوحيد؟ هل ثبت ذلك بآية قرآنية أو حديث نبوي صحيح؟
وهل ثبت عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم العمل بذلك أو التصريح به؟
وهل ثبت عن أحد من الصحابة رد ما أخبره به أحدهم من أحاديث نبوية تتضمن أمورا عقائدية؟ وهل فعل ذلك أحد من أئمة التابعين ومن بعدهم؟
إننا نجزم بلا شك أنه ما من أحد من الصحابة أو التابعين أو أئمة الهدى رد خبر الواحد الذي يتضمن أموراً عقائدية، بل كانوا يتقبلون الخبر بالقبول واليقين طالما ثبتت صحته، كما في أحاديث الرؤية وتكليم الله وندائه ونزوله في ثلث الليل الأخير كل ليلة... إلخ.
3 – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (بلغوا عني) متفق عليه. ومن بلغ عنه فقد أقام الحجة على المبلغ، وحصل له بذلك العلم، وادعاء أن العلم والحجة لا تقوم بإخبار المبلغ، ما كان للأمر بذلك معنى.
__________
(1) - والآيات والأحاديث الموجبة للأخذ بما جاء به القرآن الكريم والسنة الشريفة عامة وشاملة للمتواتر والآحاد بلا فرق، وفي العقائد والأحكام بلا فرق. وكفى بها حجة ظاهرة لا سبيل إلى دفعها إلا الهوى ومناصرة المتكلمين. وانظر في ذلك كتاب (الرسالة) للإمام الشافعي.
(2) - قال تعالى: في حق المشركين: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} (النجم: 28) .

الصفحة 85