كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

وكما كان السلف الصالح لا يقدمون الاجتهادات العقلية على الأدلة الشرعية في مسائل العقيدة والتوحيد فقد كانوا كذلك لا يقدمون الاجتهادات الفقهية على الأدلة الشرعية في مسائل الفقه وقضاياه، لذا فقد كان منهجهم في ذلك اتباع الأحكام الفقهية المبنية على الكتاب والسنة وترك ما عداها من آراء الفقهاء المخالفة للكتاب والسنة. وهم في ذلك كله يرون العذر للمجتهدين المخالفين، لا يجعلون رد أقوالهم قدحاً في إمامتهم وعملهم وصلاحهم، (1) ولكن لا يرون عذراً لمن قلد الأئمة في آرائهم التي اتضح بجلاء مخالفتها للكتاب والسنة، ولم يكن من منهج السلف التقيد بإمام معين في كل فتاويه. والاجتهاد عندهم واجب على من قدر عليه واستكمل أدواته. "فالعامي له أن يقلد من غلب على ظنه أنه من أهل العلم والدين أما العالم فعليه أن يأخذ بالأرجح" لذا ينبغي "أن يدرس ما دونه الأئمة الأربعة وغيرهم دون تعصب لرأي أحد منهم". (2)
والأئمة أنفسهم حثوا تلاميذهم وأتباعهم على تقديم الكتاب والسنة على اجتهاداتهم وآرائهم إذا تبينت المخالفة.
فعن الشافعي قال: "إذا صح الحديث فهو مذهبي وإذا رأيتم كلامي يخالف الحديث فاعملوا بالحديث واضربوا بكلامي الحائط".
وعن الإمام أحمد: "ليس لأحد مع الله ورسوله كلام".
وعن الإمام مالك: "ما من أحد إلا ومأخوذ من كلامه ومردود عليه إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".
وعن أبي حنيفة: "لا ينبغي لمن لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي".
__________
(1) - انظر "رفع الملام عن الأئمة الأعلام" لابن تيمية.
(2) - المرجع السابق.

الصفحة 90