3 - رفض التأويل الكلامي
رفض التأويل الكلامي من السمات البارزة للمنهج السلفي في الاستدلال، وهذا يعني الأخذ بظاهر مسائل الاعتقاد.
وظاهر النصوص ما يتبادر منها من المعاني بحسب ما تضاف إليه وما يحتف بها من القرائن.
والواجب في النصوص إجراؤها على ظاهرها بدون تحريف.
فإن كان الله أنزله باللسان العربي من أجل عقله وفهمه، وأمرنا باتباعه، وجب علينا إجراؤه على ظاهره بمقتضى ذلك اللسان العربي، إلا أن تمنع منه حقيقة شرعية.
ولا فرق في هذا بين نصوص الصفات وغيرها، بل قد يكون وجوب التزام الظاهر في نصوص الصفات أولى وأظهر، لأن مدلولها توقيفي محض لا مجال للعقول في تفصيله. (1)
قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ () نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ () عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ () بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} (الشعراء:192 - 195). وقال تعالى: {إنا جعلناه قرآنا عربياً لعلكم تعقلون} (الزخرف: 3). وقال تعالى: {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء} (الأعراف: 3).
وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن نصوص الصفات تجري على ظاهرها اللائق بالله عز وجل من غير تحريف، وأن ظاهرها لا يقتضي تمثيل الخالق بالمخلوق. فاتفقوا على أن لله تعالى حياة وعلماً وقدرة وسمعاً وبصراً حقيقة، وأنه مستو على عرشه حقيقة، وأنه يحب ويرضى، ويكره ويغضب حقيقة، وأن له وجهاً ويدين حقيقة لقوله تعالى: {وتوكل على الحي الذي لا يموت} (الفرقان: 58) وقوله: {وهو بكل شيء عليم} (البقرة: 29) {وهو على كل شيء قدير} (المائدة: 12)، {وهو السميع البصير} (الشورى: 11) وقوله: {الرحمن
__________
(1) - انظر "تقريب التدمرية" للشيخ محمد بن صالح العثيمين. ط. مكتبة السنة القاهرة ط. الأولى 1413هـ-1992م: ص55 بتصرف يسير.