قوله تعالى: {السحاب المسخر بين السماء والأرض} (البقرة: 164) فإن السحاب لا يباشر السماء ولا الأرض ولا يماسهما.
ويقال: سترة المصلى بين يديه وليست مباشرة له ولا مماسة له.
فإن كانت البينية لا تستلزم المباشرة والمماسة فيما بين المخلوقات فكيف بالبينية فيما بين المخلوق والخالق الذي وسع كرسيه السماوات والأرض وهو بكل شيء محيط، وقد دل السمع والعقل على أن الله تعالى بائن من خلقه، ولا يحل في شيء من خلقه، ولا يحل فيه شيء من خلقه وأجمع السلف على ذلك.
ونقول على الوجه الثاني:
إن ثبوت الأصابع الحقيقية لله تعالى لا يستلزم معنى فاسداً وحينئذ يكون مراداً قطعاً، فإن لله تعالى أصابع حقيقية تليق بالله عز وجل ولا تماثل أصابع المخلوقين، وفي صحيح البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود قال: (جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع والأراضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء على إصبع وسائر الخلائق على إصبع، فيقول أنا الملك. فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر. ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون} (الزمر: 67) هذا لفظ البخاري في تفسير سورة الزمر (1) .
فأي معنى فاسد يلزم من ظاهر النص حتى يقال أنه غير مراد؟؟ (2)
فإن قيل إجراء النصوص على ظاهرها في باب الصفات فيه تشبيه الخالق بالمخلوق فلزم ترك الظاهر وإثبات معاني يقبلها العقل وتتجنب التشبيه.
والجواب: هذا باطل من وجوه. فتوهم المشابهة والمماثلة ثم نفى ذلك يتضمن عدة محاذير منها:
__________
(1) - متفق عليه. رواه البخاري في صحيحه (رقم 4811، 7414، 7451، 7513) كتاب التفسير وكتاب التوحيد. وأخرجه مسلم (2786/19-22) كتاب صفة القيامة والجنة والنار. والنسائي في تفسيره رقم471، 471، 472.
(2) - تقريب التدمرية: ص 62 - 63.