كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

أ - رفض التأويل
يزعم المتكلمون أن أدلتهم العقلية المأخوذة من مصطلحاتهم الكلامية أدلة قطعية وأصل يجب الرجوع إليه، فإذا عارضتها الأدلة الشرعية من الكتاب أو السنة وجب - في زعمهم - تأويل النصوص الشرعية تأويلاً يجعلها موافقة للأدلة العقلية. وهذا هو التأويل الذي يلجأ إليه المتكلمون في أبحاثهم الكلامية في مسائل التوحيد والعقائد الغيبية والصفات الإلهية.
فالتأويل إذاً في اصطلاح المتكلمين إنما يعني اتخاذ العقل أصلاً يكون النقل تابعاً له فإذا ما ظهر تعارض بينهما - في زعمهم - فينبغي تأويل النص حتى يوافق العقل.
ومنهج المتكلمين في تأويل النصوص بأدلتهم العقلية باطل من وجوه منها:
1- أن هذا النوع من التأويل للنصوص لتوافق أقوال المتكلمين هو في حقيقته تحريف للنصوص وتعطيل لها.
2- أنه لا يجوز شرعاً معارضة كلام الخلاق العليم بالمصطلحات الكلامية التي وضعها بشر بعقولهم، وهي مأخوذة في الأصل من فلاسفة وعلماء كلام من غير المسلمين.
3- أن موافقتهم فيما ذهبوا إليه تؤدي إلى الاستخفاف بأدلة الكتاب والسنة، والتقليل من قيمتها حيث لا يستدل بها على وجه الاستقلال بما يناقض الإيمان بها، كما أنه يؤدي إلى صرف الناس عن دراسة الكتاب والسنة وفهم معانيهما.
4- أن الحجة العقلية الصحيحة لا تعارض الحجة الشرعية الصريحة بل يمتنع تعارضهما، إلا إذا كانت الحجة العقلية فاسدة، أو الفهم للحجة الشرعية فاشد.
5- أن الشرع قد يأتي بأمور تحتار العقول في إدراكها، ولكنها غير مستحيلة عقلاً. مثال ذلك في الإيمان بالملائكة، فهذا إيمان بالغيب، عرف من النصوص الشرعية المتواترة، وهي مخلوقات نورانية، تحتار العقول في إدراك حقيقتها، ولكن وجودها غير مستحيل عقلاً، كما أن هناك مخلوقات لا ترى كالميكروبات والجراثيم الدقيقة لا ترى بالعين المجردة وثبت وجودها علمياً تحت المجهر (الميكروسكوب) ،

الصفحة 99