كتاب المحكم والمحيط الأعظم (اسم الجزء: 9)
وقولُه في الحَدِيثِ: ((إنَّ رَجُلاً تَفَوَّتَ على أَبِيهِ في مالِه)) . قال أبو عُبَيْدٍ: معناهُ أَنَّ الابنَ فاتَ أباهُ بمالِه نَفْسَه، فوَهَبَه وبَذَّرَه. وزَعَمُوا أَنَّ رَجُلاً خَرَجَ من أَهْلِه، فَلَمّا رَجَع قالَتْ له امْرأَتُه: لو شَهِدْتَنا لأَخْبَرْناكَ وحَدَّثْناكَ بما كانَ؟ فقالَ لَهَا: لَنْ تُفاتِى؟ فهاتِى. والفَوْتُ: الخَلَلُ بينَ الأَصابِعِ، والجَمْعُ: أَفْواتٌ. وهي مِنِّى فَوْتَ اليَدِ: أي قَدْرَ ما يَفُوتُ يَدِى. حكاها سِيبَوَيْهِ في الظُّرُوفِ المَخْصُوصةِ. وقالَ أَعْرابِيٌّ لصاحِبِه: ادْنُ دُونَكَ، فَلمّا أَبْطَأَ قالَ لَه: جَعَلَ اللهُ رِزْقَكَ فَوْتَ فَمِكَ: أي تَنْظُرُ إِليهِ قَدْرَ ما يَفُوتُ فَمَكَ ولا تَقْدِرُ عليه. ومَوْتُ الفَوَاتِ: مَوْتُ الفَجْأَةِ. وبَيْنَهُما فَوْتٌ فائِتٌ، كما تَقُولُ: بَوْنُ بائِنٌ. ورَجُلٌ فُوَيْتٌ: مُنْفَرِدٌ بَرأْيِه، وكذلِكَ الأُنْثَى.
(التاء والباء والواو)
[ت وب] تابَ إِلى اللهِ تَوْبًا: وتَوْبَةً، ومَتابًا: أَنابَ ورَجَعَ عن المَعْصِيَةِ إِلى الطّاعَةِ. فأَمّا قولُه:
(تُبْتُ إِليكَ فَتَقَّبَلْ تابَتِى ... )
(وصُمْتُ رَبِّي فتَقَبَّلْ صامَتِى ... )
إِنّما أرادَ تَوْبَتِى وصَوْمَتِى، فأَبْدَلَ الواوَ أَلِفًا لضَرْبٍ من الخِفَّةِ؛ لأَنَّ هَذا الشِّعْرَ ليسَ بمُؤَسَّسٍ كُلُّه. ألا تَرَى أَنَّ فيهِ:
(أَدْعُوكَ يا رَبِّ مِنَ النّارِ الَّتِي ... )
(أَعْدَدْتُ للكُفّارِ في القِيامَةِ ... )
فجاءَ بالَّتِي، وليسَ فيها ألفُ تأسِيسٍ. وتابَ هو عَلَيْه.
الصفحة 541
554