كتاب المنتخب من مسند عبد بن حميد ت مصطفى العدوي (اسم الجزء: 2)

عَلَمٌ، فَقَالَ: "يَا جَابِرُ، اجْعَلْ فِي إِدَاوَتِكَ مَاءً، ثُمَّ انْطَلِقْ بِنَا"، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا حَتَّى لَا نُرَى، فَإِذَا هُوَ بِشَجَرَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ، فَقَالَ: "يَا جَابِرُ، انْطَلِقْ إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ، فَقُلْ: يَقُولُ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْحَقِي بِصَاحِبَتِكَ حَتَّى أَجْلِسَ خَلْفَكُمَا"، فَرَجَعَتْ إِلَيْهَا، فَجَلَسَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَلْفَهُمَا، ثُمَّ رَجَعَتَا إِلَى مَكَانِهِمَا، فَرَكِبْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَنَا كَأَنَّمَا عَلَيْنَا الطَّيْرُ تُظِلُّنَا، فَعَرَضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ مَعَهَا صَبِيٌّ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا يَأْخُذُهُ الشَّيْطَانُ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَوَقَفَ لَهَا، ثُمَّ تَنَاوَلَ الصَّبِيَّ، فَجَعَلَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُقَدَّمِ الرَّحْلِ، ثُمَّ قَالَ: "اخْسَأْ عَدُوَّ اللَّهِ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ" ثَلَاثًا، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيْهَا، فَلَمَّا قَضَيْنَا سَفَرَنَا مَرَرْنَا بِذَلِكَ الْمَكَانِ فَعَرَضَتْ لَنَا الْمَرْأَةُ مَعَهَا صَبِيُّهَا وَمَعَهَا كَبْشَانِ تَسُوقُهُمَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْبَلْ مِنِّي هَدِيَّتِي، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عَادَ إِلَيْهِ بَعْدُ، فَقَالَ: "خُذُوا مِنْهَا أَحَدَهُمَا، وَرُدُّوا عَلَيْهَا الْآخَرَ".
قَالَ: ثُمَّ سِرْنَا، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَنَا كَأَنَّمَا عَلَيْنَا الطَّيْرُ تُظِلُّنَا، فَإِذَا جَمَلٌ نَادٌّ حَتَى إِذَا كَانَ بَينَ السمَاطَينِ خَرَّ سَاجِدًا، فَجَلَسَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: "مَنْ صَاحِبُ الْجَمَلِ؟ " فَإِذَا فِتْيَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالُوا: هُوَ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "فَمَا شَأْنُهُ؟ " قَالُوا: اسْتَنَيْنَا عَلَيْهِ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَتْ بِهِ شُحَيْمَةٌ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْحَرَهُ فَنَقْسِمَهُ بَيْنَ غُلْمَانِنَا، فَانْفَلَتْ مِنَّا، فَقَالَ: "تَبِيعُونِيهِ؟ " قَالُوا: لَا، بَلْ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "أَمَّا لِي فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَهُ أَجَلُهُ"، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ ذَلِكَ: يَا رَسُولَ الله، فنحن أحق

الصفحة 151