كتاب المنتخب من مسند عبد بن حميد ت مصطفى العدوي (اسم الجزء: 2)

أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، فَيَرَى الْجِنَانَ، فيقول: لمن ما ههنا، فَيُقَالَ: لَكَ. حَتَّى إِذَا انْتَهَى رُفِعَتْ لَهُ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ، أَوْ زُمُرُّدَةٌ خَضْرَاءُ، لَهَا سَبْعُونَ شِعْبًا، فِي كُلِّ شِعْبٍ سَبْعُونَ غُرْفَةً، فِي كُلِّ غُرْفَةٍ سَبْعُونَ بَابًا، فَيُقَالَ لَهُ: اقْرَأْ وَارْقَ. فَيَرْتَقِي حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى سَرِيرِ مُلْكِهِ اتَّكَأَ عَلَيْهِ، سَعَتُهُ مِيلُ فِي مِيلٍ، وَلَهُ عَنْهُ فُضُولٌ "فَيَسْعَى عَلَيْهِ بِسَبْعِينَ أَلْفَ"1 صَحْفَةٍ مِنْ ذَهَبٍ لَيْسَ فِيهَا صَحْفَةٌ فِيهَا لَوْنٌ مِنْ لَوْنِ صَاحِبَتِهَا، فَيَجِدُ لَذَّةَ آخِرِهَا كَمَا يَجِدُ لَذَّةَ أَوَّلِهَا، ثُمَّ يُسْعَى عَلَيْهِ بِأَلْوَانِ الْأَشْرِبَةِ، فَيَشْرَبُ مِنْهَا مَا اشْتَهَى، ثُمَّ يَقُولُ الْغِلْمَانُ: ذَرُوهُ وَأزْوَاجَهُ، قَالَ أَبُو شِهَابٍ -وَأَحْسُبُهُ قَالَ: فَيَتَنَحَّى عَنِ الْغِلْمَانِ- فَإِذَا مِنَ الْحُورِ الْعِينِ قَاعِدَةٌ عَلَى سَرِيرِ مُلْكِهَا، فَيَرَى مُخَّ سَاقَيْهَا مِنْ صَفَاءِ اللَّحْمِ وَالدَّمِ، فَيَقُولُ لَهَا: مَا أَنْتَ؟ فَتَقُولُ: أَنَا مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مِنَ اللَّاتِي خُبِّئْنَ لَكَ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً لَا يَرْفَعُ بَصَرَهُ عَنْهَا، ثُمَّ يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى الْغُرَفِ فَوْقَهُ فَيَرَى، فَإِذَا أُخْرَى أَجْمَلُ منها فتقول [له:] 2 هَا، أَمَا آنَ لَنَا أَنْ يَكُونَ لَنَا مِنْكَ نَصِيبٌ؟ فَيَرْتَقِي إِلَيْهَا، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً لَا يَصْرِفُ بَصَرَهُ عَنْهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَ النَّعِيمُ مِنْهُمْ كُلَّ مَبْلَغٍ، وَظَنُّوا أَنْ لَا نَعِيمَ أَفْضَلُ مِنْهُ، تَجَلَّى لَهُمُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَنَظَرُوا إِلَى وَجْهِ الرَّحْمَنِ -عَزَّ وَجَلَّ- فَنَسُوا كُلَّ نَعِيمٍ عَايَنُوهُ حِينَ نَظَرُوا إِلَى وَجْهِ الرَّحْمَنِ -عَزَّ وَجَلَّ- فَيَقُولُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، هَلِّلُونِي، فَيَتَجَاوبُونَ بِالتَّهْلِيلِ، فَيَقُولُ: يَا دَاوُدُ، قُمْ فَمَجِّدْنِي كَمَا كُنْتُ تُمَجِّدُنِي فِي الدُّنْيَا. فَيُمَجِّدُ دَاوُدُ رَبَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ".
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: قُلْتُ لِأَبِي شِهَابٍ: حَدِيثُ خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ فِي ذِكْرِ الْجَنَّةِ رفعه؟ قال: نعم.
__________
1 كتب في هامش "س" صوابه: فيسعى عليه بسبعين صحفة.
2 من "س".

الصفحة 59