كتاب المستدرك على مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 1)

عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ} إلى قوله: {سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ} إلى قوله: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ} [171، 172/4] وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، بل قولوا عبد الله فإنما أنا عبد الله» و «إنما أضل من كان قبلكم الغلو في الدين» وقد قال عليه الصلاة والسلام: «لتركبن سنن من كان قبلكم» ومن قبلنا قصدوا تعظيم الأنبياء والصالحين فوقعوا في تكذيبهم؛ فإن المسيح قال: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ} [30/19] فكذبوه، وقالوا: ما هو عبد الله، بل هو الله، وأشركوا به.
وكذلك الغالية في علي وغيره فإنه حرق الغالية فيه، ونقل عنه من نحو ثمانين وجها: «خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر» . ويذكر ذلك عن ابن الحنفية كما رواه البخاري، والشيعة تكذبه فهم معه كالنصارى مع المسيح واليهود مع موسى.
وكذلك اتباع المشايخ يغلون فيهم، ويتركون الطريقة التي يحبها الله ورسوله.
وهذا باب دخل منه الشيطان على خلق كثير فأضلهم حتى جعل أحدهم قول الحق تنقيصا له، كما إذا قيل للنصارى: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} [75/5] قالوا: هذا تنقص بالمسيح وسوء أدب معه.
وهكذا المنتسبون إلى هذه الأمة تجد أحدهم يغلو في قدوته حتى يكره أن يوصف بما هو فيه، ومع هذا فهو يكذبه ويقول عليه العظائم. وهذا باب يطول والمقصود التنبيه.
إذا عرف ذلك فقد اتفق سلف الأمة وجميع الطوائف الذين لهم قول معتبر أن من سوى الأنبياء ليس بمعصوم لا من الخطأ ولا من

الصفحة 207