كتاب المستدرك على مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 1)

وفي الصحيح: «سيد الاستغفار أن يقول العبد اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت»
فقوله: «أبوء لك بنعمتك علي» يتناول نعمته عليه في إعانته على الطاعات. وقوله: «أبوء بذنبي» يبين إقراره بالذنوب التي يحتاج إلى الاستغفار منها، والله غفور رحيم شكور يغفر الكبير ويشكر اليسير.
وجاء عن غير واحد: إني أصبح بين نعمة وذنب أريد أن أحدث للنعمة شكرا، وللذنب استغفارًا، وكان المشايخ يقرنون بين هذه الثلاثة: الشكر لما مضى من إحسان ربه، والاستغفار لما تقدم من إساءة العبد إلى نفسه، والاستعانة لما يستقبله العبد من أموره فلا بد لكل عبد من الثلاثة.
فقوله: «الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره» يتناول ذلك فمن قصر في واحد منها فقد ظلم نفسه بحسب تقصيره والعبد إذا عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم، كما قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [66/4] وقال: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} .
وإذا ترك العبد العمل بعلمه عاقبه الله بأن يضله عن الهدى وأن لا يعرفه الصراط المستقيم، كما قال تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [5/61] وقال: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [110/6] .
وقال: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [10/2] وفي الحديث: «إن العبد إذا أذنب ذنبا نكت في قلبه نكتة سوداء فإذا تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، وإذا زاد زيد فيها حتى تغلو كل قلبه فذلك الران

الصفحة 212