كتاب المستدرك على مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 3)
ويصح ائتمام المسلمين بعضهم ببعض مع اختلافهم في الفروع بإجماع السلف وأصح قول الخلف، فإن صلاة الإمام جائزة إجماعا، لأنه صلى باجتهاده فهو مأجور فاعل الواجب عليه الذي يكفي، وهو من المصلين.
ومن قال: إن صلاته لا تسقط الفرض فقد خالف الإجماع يستتاب بخلاف من صلى بلا وضوء مع علمه، فهذا صلاته فاسدة فلا يأتم به من علم حاله، ولم يزل التابعون رضي الله عنهم أجمعين يؤم بعضهم بعضا مع أنهم مختلفون في الفروع.
وسر المسألة: أن ما تركه المجتهد من البسملة وغيرها إن لم يكن واجبا في نفس الأمر فلا كلام، إن كان واجبا فقد يسقط عنه باجتهاده، وقد قال الله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [286/2] فقال الله: قد فعلت (1) .
ولو ترك الإمام ركنا يعتقده المأموم ولا يعتقده الإمام صحت صلاته خلفه، وهو إحدى الروايتين عن أحمد ومذهب مالك واختيار المقدسي.
وقال في موضع آخر: إن الروايات المنقولة عن أحمد لا تجب اختلافا وإنما ظواهرها أن كل موضع يقطع فيها بخطأ المخالف تجب فيه الإعادة، وما لا يقطع فيه بخطأ المخالف لا تجب فيه الإعادة، وهو الذي تدل عليه السنة والآثار وقياس الأصول، وفي المسألة خلاف مشهور بين العلماء.
وعبارة تصحيح الفروع (2/ 26) ولو فعل الإمام ما هو محرم عند المأموم دونه مما يسوغ فيه الاجتهاد صحت صلاته خلفه وهو
__________
(1) مختصر الفتاوى (55) ف (2/ 80) .
الصفحة 116
271