كتاب المستدرك على مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 3)

والديورة التي تحقق أنها كانت موجودة عند فتح المسلمين، ولا يجب عليه ذلك عند التردد، في أن ذلك كان موجودا عند الفتح أو حدث بعد الفتح، أو يجب عليه مطلقا فيما تحقق أنه كان موجودا قبل الفتح أو شك فيه؟
وإذا لم يجب في حالة الشك فهل يكون ما وقع الشك في أنه كان قبل الفتح وجهل الحال فيمن أحدثه لمن هو؟ لبيت المال، أم لا؟ وإذا قلنا: إن من بلغ من الأولاد من عقدت معهم الذمة وإن سفلوا ومن غيرهم لا يحتاجون أن تعقد لهم الذمة بل يجري عليهم حكم من سلف، إذا تحقق أنه من أولادهم، يكون حكم كنائسهم وبيعهم حكم أنفسهم، أم يحتاج إلى تجديد عقد وذمة؟ وإذا قلنا إنهم يحتاجون إلى تجديد عقد عند البلوغ فهل تحتاج كنائسهم وبيعهم إليه أم لا؟
فأجاب: الحمد لله ما فتحه المسلمون كأرض خيبر التي فتحت على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكعامة أرض الشام وبعض مدنها وكسواد العراق إلا مواضع قليلة فتحت صلحا وكأرض مصر فإن هذه الأقاليم فتحت عنوة على خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد ري في أرض مصر أنها فتحت صلحا، وروي أنها فتحت عنوة، وكلا الأمرين صحيح، على ما ذكره العلماء المتأملون للروايات الصحيحة في هذا الباب؛ فإنها فتحت أولا صلحا، ثم نقض أهلها العهد فبعث عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما يستمده فأمده بجيش كثير فيه الزبير بن العوام ففتحها المسلمون الفتح الثاني عنوة.
ولهذا روي من وجوه كثيرة أن الزبير سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن يقسمها بين الجيش كما سأله بلال قسم الشام فشاور الصحابة في ذلك فأشار عليه كبراؤهم كعلي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل أن يحبسها فيئا للمسلمين ينتفع بفائدها أول المسلمين وآخرهم، ثم

الصفحة 245