كتاب المستدرك على مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 3)

وافق عمر على ذلك بعض من كان خالفه ومات بعضهم، فاستقر الأمر على ذلك.
فما فتحه المسلمون عنوة فقد ملكهم الله إياه، كما ملكهم ما استولوا عليه من النفوس والأموال والمنقول والعقار.
ويدخل في العقار معابد الكفار ومساكنهم وأسواقهم ومزارعهم وسائر منافع الأرض، كما يدخل في المنقول سائر أنواعه من الحيوان والمتاع والنقد.
ما يقال في الكنائس والديرة وما يفعل فيها من العبادات إما مبدل أو محدث لم يشرعه الله أو نهى عنه بعد ما شرعه.
وليس لمعابد الكفار خاصة تقتضي خروجها عن ملك المسلمين؛ فإن ما يقال فيها من الأقوال ويفعل فيها من العبادات إما أن يكون مبدلا أو محدثا لم يشرعه الله قط، أو يكون الله نهى عنه بعد ما شرعه.
وقد أوجب الله على أهل دينه جهاد أهل الكفر حتى يكون الدين كله لله، وتكون كلمة الله هي العليا، ويرجعوا عن دينهم الباطل إلى الهدى ودين الحق الذي بعث الله به خاتم المرسلين صلوات الله وسلامه عليه، ويعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون.
ولهذا لما استولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أرض من حاربه من أهل الكتاب وغيرهم كبني قينقاع والنضير وقريظة كانت معابدهم مما استولى عليه المسلمون ودخلت في قوله سبحانه {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [27/ 33] ، وفي قوله: {وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ} [6/59] {مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [7/59] .
لكن وإن ملك المسلمون ذلك فحكم الملك متنوع، كما يختلف حكم الملك في المكاتب والمدبر، وأم الولد والعبد، وكما يختلف حكمه

الصفحة 246