كتاب المستدرك على مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 3)

السلام لا سعى لهم في إنبات النبات، وإنزال القطر من السموات فكيف يكون ذلك من مريم عليها السلام؟ وإنما هذا اعتقاد النصارى فيها وفي شيوخهم القسيسين أنهم ينفعونهم أو يضرونهم، وهذا من شركهم الذي ذمهم الله تعالى به كما قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [31/9] ، وقال تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللهِ} [79/3] الآيتين.
فإذا كان من اتخذ الملائكة والنبيين أربابا هو كافر فكيف بمن اتخذ مريم أو غيرها من الشيوخ؟
وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [56/17] قال طائفة من السلف: كان قوم يدعون العُزير والمسيح والملائكة فقال الله تعالى: هؤلاء الأنبياء والملائكة الذين تدعونهم يرجون رحمتي ويخافون عذابي كما ترجون رحمتي وتخافون عذابي ويتقربون إلي كما تتقربون إلي، وأخبر أنهم لا يملكون كشف الضر عنهم ولا تحويلا، فإذا كان هذا في الملائكة والنبيين فكيف بمن دونهم كمريم وغيرها من الصالحين الرجال والنساء؟
فمن دعا غير الله تعالى أو عبده فهو مشرك بالله العظيم، وإن كان ذلك رجل صالح أو امرأة صالحة.
وكذلك التزين يوم عيد النصارى من المنكرات وصنعة الطعام الزائد عن العادة وتكحيل الصبيان وتحمير الدواب والشجر بالمغرة وغيرها وعمل الولائم وجمع الناس على الطعام في عيدهم، ومن فعل هذه الأمور يتقرب بها إلى الله تعالى راجيا بركتها فإنه يستتاب فإن تاب وإلا

الصفحة 255