كتاب المستدرك على مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 3)

بسبب السهو والتلاوة وسجود الشكر، وعند الآيات على قول. فالتلاوة الخاصة سبب السجود.
وقد ذكر الله الركوع والسجود في مواضع فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [77/22] فهذا أمر بهما وقال تعالى: {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا} [29/48] فهذا ثناء عليهم بهما، وإن كان ذكرهما منتظما لبقية أفعال الصلاة كما في القراءة والقيام والتسبيح والسجود المجرد وهو من باب التعبير بالبعض عن الجميع، وهو دليل على وجوبه فيه، وقال تعالى لبني إسرائيل {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [43/2] فأفرد الركوع بالتخصيص بعد الأمر بإقامة الصلاة، ويشبه والله أعلم أن يكون فيه معنيان:
أحدهما: أنهم لا يركعون في صلاتهم فأمرهم بالركوع إذا كانوا لا يفهمون ذلك في نفس الصلاة.
الثاني: أن قوله: {مَعَ الرَّاكِعِينَ} أمر بصلاة الجماعة، ودل بذلك على وجوبها، وأمر بالركوع معهم؛ لأنه بالركوع يكون مدركا للركعة، فإذا ركع معهم فقد فعل بقية الأفعال معهم، وما قبل الركوع من القيام لا يجب فعله معهم فما بعده لازم؛ بخلاف ما لو قال: قوموا، أو: اسجدوا لم يدل على ذلك.
وقال لمريم: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [43/3] قد يكون أمرا لها بصلاة الجماعة وإن كانت امرأة لأنها كانت محررة منذورة لله عاكفة في المسجد، وقال تعالى: {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [24/38] قد قيل: إنه السجود، وقال تعالى:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} [48/77] وذكر السجود والقيام في

الصفحة 84