كتاب المستدرك على مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 3)
كانت ترغيمًا للشيطان» فأقام السجدتين مقام ركعة في تكميل الصلاة؛ لأن الركن الأعم في كل ركعة هما السجدتان، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أعني على نفسك بكثرة السجود» ، وقال: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد» .
ولما كانت الصلاة مثنى مثنى، جعل في كل ركعة السجود مثنى مثنى، فكل سجدتين معقودتان بركعة، فتصير وترا سجدتين وركوع، والركوع مقدمة أمامهما كتقدمة الوقوف على طواف الزيارة قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أدركتمونا ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا ومن أدرك الركعة فقد أدرك» كما قال: «الحج عرفة فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحج» ومن فاته التعريف فإنه يفعل الطواف والسعي ولكن لا يكون مدركا للحج، لكن يكون متحللا بعمرة، أو عمل عمرة ولهذا قيل: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [43/2] فالركوع مع السجود تقدمة وتوطئه وباب إليه، وهو مشترك بين القيام والسجود وبرزخ بينهما، فالقيام قيام القراءة بعده، وأما القيام بعده فهو -والله أعلم- لأجل السجود بعده ليكون السجود عن قيام وهو السجود الكامل، فالرفع منه تكميل للركوع، والخفض من القيام تكميل للسجود، ولهذا هو ركن تام كما جاءت به السنة، وليس معادلا لبقية الأركان كما كان يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: «لا تقبل الله صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود» لعدم تكميلهما فإنه أيضا إذا لم يقم صلبه بين السجدتين لا يكون قد أكمل الأولى برفعها ولا الثانية بخفضها، فالسجود إذا شرع في الانحناء وهو قاعد، أما إذا كان وجهه قريبًا من الأرض وألصقه فليس هذا بسجود.
ومن هنا غلط من غلط وقال: إن الاعتدالين ليس بركنين طويلين لما ظنوا أن المقصود مجرد الفصل، والصواب ما جاءت به السنة إيجابًا
الصفحة 88
271