كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 2)

وفي رواية: ((لا إله إلا الله والله أكبر، تملآن ما بين السماء والأرض)) . لم أجد هذه الرواية في الصحيحين، ولا في كتاب الحميدى، ولا في الجامع، ولكن ذكرها الدارمي بدل: سبحان الله والحمد لله.
284- (2) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأشعري. فتكلم الدارقطني وغيره في رواية مسلم، فقالوا: هي منقطعة، لسقوط عبد الرحمن بن غنم فيها بين أبي سلام وأبي مالك، قال النووى: ويمكن أن يجاب لمسلم عن هذا بأن الظاهر من حال مسلم أنه علم سماع أبي سلام لهذا الحديث من أبي مالك فيكون أبوسلام سمعه من أبي مالك، وسمعه أيضاً من عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك، فرواه مرة عنه ومرة عن عبد الرحمن عنه. (وفي رواية لا إله إلا الله والله أكبر تملآن مابين السماء والأرض) هذا قول صاحب المصابيح. قال صاحب المشكاة. (لم أجد هذه الرواية) أي التي أوردها صاحب المصابيح في ما ذكر في قوله من الصحاح. (في الصحيحين) أي متنيهما. (ولا في كتاب الحميدى) الجامع بين الصحيحين. (ولا في الجامع) أي للأصول الستة. (ولكن ذكرها) أي هذه الرواية. (الدارمي) يعنى التزم صاحب المصابيح أن يكون جميع ما ذكر في قوله من الصحاح المعبر عنه بالفصل الأول مما أخرجه الشيخان أو أحدهما، وهذه الرواية ليست في أحدهما، فإيرادها في الصحاح خلاف لما التزمه، وقد يجاب بأن الإلتزام إنما هو في أصول الأحاديث، وأما هذه فإنما هي زيادة إفادة متفرعة على أصل الحديث الموجود في صحيح مسلم، والله أعلم.
284- قوله: (ألا أدلكم) الهمزة للاستفهام، ولا نافية، وليس إلا للتنبيه بدليل قولهم: بلى. (يمحو الله به الخطايا) أي يغفرها، أو يمحوها من كتب الحفظة، ويكون ذلك المحو دليلاً على عفوه تعالى ومغفرته، والمراد بالخطايا الصغائر، مما يتعلق بحقوق الله. (يرفع به الدرجات) أي يعلي به المنازل في الجنة، ويحتمل رفع الدرجات في الدنيا أيضاً. (قالوا: بلى) فائدة السؤال والجواب أن يكون الكلام أوقع في النفس بحكم الإبهام والتبيين. (إسباغ الوضوء) أي إكماله بتطويل الغرة والتحجيل والتثليث والدلك. (على المكاره) جمع مكره، بفتح الميم من الكره بمعنى المشقة، كبرد الماء، وألم الجسم، والإشتغال به مع ترك أمور الدنيا. قيل: ومنها الجد في طلب الماء مع إعوازه وشراءه بالثمن الغالي. (وكثرة الخطى إلى المساجد) إما لبعد الدار، أو على سبيل التكرار، والخطى بضم الخاء جمع خطوة وهي ما بين القدمين. (وانتظار الصلاة) بالجلوس لها في المسجد، أو تعلق القلب بها والتأهب والاهتمام لها مع إشتغاله بكسبه في بيته، كما ورد "ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه، حتى يعود". (فذلكم) الإشارة إلى ما ذكر من الأعمال الثلاثة، وقيل: إلى انتظار الصلاة. (الرباط) المرغب فيه، أو أفضل أنواع الرباط، كما قيل: الجهاد جهاد النفس، أو الرباط المتيسر الممكن، أي أنه من أنواع الرباط، أو

الصفحة 4