كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 2)

إلى المرفق ثلاثاً، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجله اليمنى ثلاثاً، ثم اليسرى ثلاثاً، ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ نحو وضوئي هذا. ثم قال: من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم يصلى ركعتين لا يحدث نفسه فيهما بشيء، غفر له ما تقدم من ذنبه)) متفق عليه. ولفظه للبخاري.
289- (7) وعن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من مسلم يتوضأ، فيحسن وضوءه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عن عثمان. (إلى المرفق) بكسر الميم وفتح الفاء "وإلى" بمعنى منع عند الجمهور. (ثم مسح برأسه) ليس في شيء من طرق هذا الحديث في الصحيحين ذكر عدد المسح، فالظاهر الاكتفاء بالمرة الواحدة، وهو مذهب الجمهور. (ثم قال) أي النبي - صلى الله عليه وسلم -. (من توضأ نحو وضوئي هذا) أي جامعاً لفرائضه وسننه، وقوله "نحو وضوئي هذا" كذا وقع في الصيام من نسخ البخارى الموجودة عندنا، وقال الحافظ في شرح كتاب الوضوء: "وللبخارى في الصيام من رواية معمر: من توضأ بوضوئي هذا" أي بترك حرف الشبيه. (ثم يصلى ركعتين) فيه استحباب ركعتين عقب كل وضوء، ولو صلى فريضة حصلت له هذه الفضيلة كما تحصل تحية المسجد بذلك. (لا يحدث فيهما نفسه بشيء) من أمور الدنيا، وما يتعلق بالصلاة ولو عرض له حديث فأعرض عنه لمجرد عروضه، عفي عنه ذلك، وحصلت له هذه الفضيلة؛ لأن هذا ليس من فعله وكسبه، وقد عفي لهذه الأمة عن الخواطر التي تعرض ولا تستقر. وقال الحافظ: المراد ما تسترسل النفس معه، ويمكن المرء قطعه؛ لأن قوله "يحدث" يقتضى تكسباً منه فأما ما يهجم من الخطرات والوساوس ويتعذر دفعه فذلك معفو عنه. وقال السندهي: أي يدفع الوسوسة مهما أمكن. وقيل: يحتمل العموم إذ ليس هو من باب التكليف حتى يجب دفع الحرج والعسر، بل من باب ترتب ثواب مخصوص على عمل مخصوص، أي من باب الوعد على العمل، فمن حصل منه ذلك العمل يحصل له ذلك الثواب، ومن لا فلا. نعم، يجب أن يكون ذلك ممكن الحصول في ذاته وهو هنا كذلك، فإن المتجردين عن شواغل الدنيا يتأتى منهم هذا العمل على وجهه. انتهى. (غفر له ما تقدم من ذنبه) حملوه على الصغائر، لكن كثير من الأحاديث يقتضي أن مغفرة الصغائر غير مشروطة بقطع الوسوسة، فيمكن أن يكون الشرط لمغفرة الذنوب جميعاً، قاله السندهي. ثم إنه يفهم من هذا الحديث أن غفران الذنوب مرتب على الوضوء الموصوف بتلك الصفة، وصلاة ركعتين لا يحدث فيهما نفسه بشيء، ومن الحديث المتقدم ترتبه على مجرد الوضوء، ويمكن أن يقال كل منهما مكفر، أو الوضوء المجرد مكفر لذنوب أعضاء الوضوء، ومع الصلاة مكفر لذنوب جميع الأعضاء أو الوضوء مكفر للذنوب الظاهرة، ومع الصلاة مكفر للذنوب الظاهرة والباطنة. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أبوداود والنسائي. (ولفظه للبخارى) أي في باب السواك الرطب واليابس للصائم من كتاب الصيام.
289- قوله: (وعن عقبة) بضم عين وسكون قاف. (بن عامر) الجهنى صحابي مشهور، اختلف في كنيته على سبعة أقوال، أشهرها أبوحماد، اختط البصرة، وولى إمرة مصر لمعاوية ثلاث سنين، وحضر معه بصفين، وولي غزو البحر،

الصفحة 8