كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 3)
لمسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن الأزهر، أرسلوه على عائشة، فقالوا: اقرأ عليها السلام، وسلها عن الركعتين بعد العصر. قال: فدخلت على عائشة، فبلغتها ما أرسلوني. فقالت: سل أم سلمة، فخرجت إليهم، فردوني إلى أم سلمة، فقالت أم سلمة: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عنها، ثم رأيته يصليهما، ثم دخل،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(والمسور) بكسر الميم. (بن مخرمة) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الراء، ابن نوفل الزهري الصحابي. قال في التقريب: له ولأبيه صحبة. وأمه الشفاء بنت عوف أخت عبد الرحمن بن عوف، روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الأربعة وغيرهم، وكان ممن يلزم عمر بن الخطاب، وكان من أهل الفضل والدين، ولد بمكة بعد الهجرة بسنتين، وقدم به المدينة في ذي الحجة بعد الفتح سنة ثمان، وهو غلام أيفع ابن ست سنين، ومات سنة أربع وستين أصابه حجر من حجارة المنجنيق، وهو يصلي في الحجر في حصار ابن الزبير الأول من الجيش الذي أرسله يزيد بن معاوية، فمكث خمسة أيام، ومات يوم أتى نعى يزيد بن معاوية، وهو ابن ثلاث وستين. (وعبد الرحمن بن الأزهر) على وزن أفعل ابن عوف القرشي الزهري الصحابي، يكنى أبا جبير ابن عم عبد الرحمن بن عوف، شهد حنيناً مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن سعد: هو نحو ابن عباس في السن، وبقي إلى فتنة ابن الزبير. وقال ابن مندة: مات قبل الحرة. (أرسلوه) أي كريباً. (إلى عائشة) أم المؤمنين. (اقرأ عليها السلام) أي منا جميعاً في القاموس: قرأ عليه السلام أبلغه كأقرأه. أو لا يقال أقرأه إلا إذا كان السلام مكتوباً. (وسلها) أصله اسألها. (عن الركعتين) أي صلاة الركعتين. زاد في رواية: وقل لهما إنا أخبرنا أنك تصليهما، وقد بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنهما. (قال) أي كريب. (فبلغتها ما أرسلوني) أي بتبليغه من السلام والكلام إليها. (سل أم سلمة) هي أم المؤمنين هند بنت أبي أمية. فيه أنه يستحب للعالم إذا طلب منه تحقيق أمر مهم، ويعلم إن غيره أعلم به أو أعرف بأصله أن يرشد إليه إذا أمكنه، وفيه الاعتراف لأهل الفضل بمزيتهم. (فخرجت إليهم) أي فأخبرتهم بقولها: فيه إشارة إلى أدب الرسول في حاجة وأنه لا يستقل فيها بتصرف لم يؤذن له فيه. ولهذا لم يستقل كريب بالذهاب إلى أم سلمة؛ لأنهم لم يرسلوه إليها. (فردوني إلى أم سلمة) أي بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة فجئت إليها فسألتها. (ينهى عنهما) أي عن الركعتين بعد العصر، تعني في ضمن نهيه عن الصلاة بعد صلاة العصر بقوله: لا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس، أو سمعت النهي بالخصوص عنهما، ويؤيد الأول ما في رواية للبخاري، وفي بعض نسخ مسلم "عنها" بضمير المفرد، فإنها تدل على أن الحديث عند أم سلمة هو الحديث العام فقط. (ثم رأيته يصليهما ثم دخل) وفي رواية للبخاري: ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر ثم دخل علي، قال الحافظ: أي فصلاهما
الصفحة 462
567