كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 3)

ولا صلاة بعدها حتى تطلع الشاهد)) والشاهد: النجم. رواه مسلم.
1057- (12) وعن معاوية، قال: ((إنكم لتصلون صلاة، لقد صحبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما رأيناه يصليهما، ولقد نهي عنهما. يعني الركعتين بعد العصر)) رواه البخاري.
1058- (13) وعن أبي ذر، قال- وقد صعد على درجة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الطيبي. (ولا صلاة بعدها) أي بعد صلاة العصر. (حتى يطلع الشاهد) كناية عن غروب الشمس؛ لأن بغروبها يظهر الشاهد. (والشاهد النجم) سمي شاهداً لأنه يشهد بالليل ويحضر، ومنه قيل لصلاة المغرب صلاة الشاهد. ويجوز أن يحمل على الاستعارة، شبه النجم عند طلوعه على وجود الليل بالشاهد الذي يثبت به الدعاوي، قاله الطيبي. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد (ج6 ص397) والنسائي والبيهقي.
1057- قوله: (إنكم لتصلون) بفتح اللام للتأكيد. (فما رأيناه يصليهما) أي الركعتين، وللحموي يصليها أي الصلاة. (ولقد نهى عنهما) بضمير التثنية، ولأبي ذر عنها بالضمير المفرد، أي عن الصلاة. قال الحافظ: وقع الخلاف بين الرواة في قوله: ولقد نهى عنها أو عنهما، كما وقع في قوله: يصليهما أو يصليها. قلت: وقع في رواية البيهقي يصليها وعنها بالضمير المفرد، وهي تدل على أنه ليس عند معاوية حديث مستقل في النهي عن خصوص هاتين الركعتين، بل هو الحديث العام فقط، فذكر النهي عنهما تمسكاً بالعموم، وأما رواية عنهما أي بتثنية الضمير فيحتمل أن يكون عنده حديث خاص في النهي عن الركعتين، ويحتمل أن يكون هو الحديث العام فقط، ثم أدخلهما هو في عمومه، وذكر النهي عنهما تمسكاً بالعموم، وهذا هو ظاهر لرواية عنها، فإنها نص في أنه ليس عنده إلا الحديث العام. قال الحافظ: وكلام معاوية مشعر بأن من خاطبهم كانوا يصلون بعد العصر ركعتين على سبيل التطوع الراتب لها كما يصلى بعد الظهر، وما نفاه من رؤية صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - لهما قد أثبته غيره، والمثبت مقدم على النافي، وسيأتي قول عائشة: كان لا يصليهما في المسجد، لكن ليس في رواية الإثبات معارضة للأحاديث الواردة في النهي؛ لأن رواية الإثبات لها سبب. (كما تقدم) فألحق بها ماله سبب وبقي ما عدا ذلك على عمومه، والنهي فيه محمول على ما لا سبب له، وأما من يرى عموم النهي ولا يخصه بما له سبب فيحمل إنكار معاوية على من يتطوع، ويحمل الفعل على الخصوصية، ولا يخفى رجحان الأول- انتهى. (يعني) أي يريد معاوية بهما. (الركعتين بعد العصر) أي بعد صلاة العصر. (رواه البخاري) وأخرجه أيضاً أحمد (ج4 ص99، 100) والبيهقي.
1058- قوله: (قال) أي أبوذر. (وقد صعد) حال من ضمير قال، أي طلع أبوذر. (على درجة

الصفحة 477