كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 3)

الكعبة-: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا جندب، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس إلا بمكة، إلا بمكة، إلا بمكة)) رواه أحمد، ورزين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الكعبة) قال القاري: الدرجة بفتحتين هي الآن خشب يلصق بباب الكعبة ليرقى فيه إليها من يريد دخولها، فإذا قفلت حول لمحل آخر قريب من الطواف بجنب زمزم، فيحتمل أن يكون في ذلك الزمان كذلك، ويحتمل أن يكون بكيفية أخرى، ولا يبعد أن يكون المراد بالدرجة عتبة الكعبة، ويؤيد هذا رواية البيهقي بلفظ: قام فأخذ بحلقة باب الكعبة. (من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا جندب) بضم الدال وبفتح. قال الطيبي: اتحاد الشرط والجزاء للإشعار بشهرة صدق لهجته، والشرطية الثانية تستدعى مقدراً، أي ومن لم يعرفني فليعلم إني جندب. (لا صلاة بعد الصبح) أي بعد فرض الصبح. (ولا صلاة بعد العصر) أي فرضه. (إلا بمكة إلا بمكة إلا بمكة) ثلاث مرات للتأكيد. (رواه أحمد ورزين) بن معاوية العبدري، أخرجه أحمد (ج5: ص165) عن يزيد عن عبد الله بن المؤمل عن قيس بن سعد عن مجاهد عن أبي ذر، وأخرجه الشافعي والدارقطني والبيهقي كلاهما من طريقه عن عبد الله بن المؤمل عن حميد مولى عفراء عن قيس بن سعد عن مجاهد، فزادوا حميداً في سندهم، وأخرجه ابن عدي في الكامل وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي من حديث سعيد بن سالم عن عبد الله بن المؤمل عن حميد عن مجاهد عن أبي ذر فلم يذكروا فيه قيساً، وأخرجه ابن عدي والبيهقي من طريقه من حديث اليسع بن طلحة القرشي: سمعت مجاهداً يقول بلغنا أن أبا ذر فذكره. قال البيهقي واليسع بن طلحة ضعفوه، وعبد الله أيضاً ضعيف، والحديث منقطع، مجاهد لم يدرك أباذر. ويقال إن عبد الله تفرد به، ولكن تابعه إبراهيم بن طهمان في ذلك عن حميد، وأقام إسناده، ثم ساقه بسنده إلى خلاد بن يحيى، قال حدثنا إبراهيم بن طهمان ثنا حميد مولى عفراء عن قيس بن سعد عن مجاهد، قال: جاءنا أبوذر فأخذ بحلقة الباب-الحديث. قال البيهقي: وحميد الأعرج ليس بالقوى. قال أبوحاتم الرازي: لم يسمع مجاهد من أبي ذر، وكذا أطلق ذلك ابن عبد البر والبيهقي والمنذري وغير واحد. قال البيهقي: قوله في رواية ابن طهمان جاءنا أبوذر أي جاء بلدنا. قال الزيلعي: قال الشيخ في الإمام حديث أبي ذر هذا معلول بأربعة أشياء: أحدها انقطاع ما بين مجاهد وأبي ذر. والثاني اختلاف في إسناده. والثالث ضعف ابن المؤمل. ضعفه ابن معين والنسائي. وقال أحمد أحاديثه مناكير. والرابع ضعف حميد مولى عفراء - انتهى مختصراً. لكن قال ابن عبد البر في التمهيد: وهذا حديث وإن لم يكن بالقوي لضعف حميد مولى عفراء ولأن مجاهدا لم يسمع من أبي ذر. ففي حديث جبير بن مطعم. (المتقدم) ما يقويه مع قول جمهور العلماء من المسلمين به - انتهى. قلت: الظاهر أن حميد هذا هو حميد بن قيس الأعرج المكي أبوصفوان

الصفحة 478