كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 3)
(23) باب الجماعة وفضلها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
القارئ الأسدي مولاهم، وقيل: مولى عفراء، من رجال الجماعة، وثقه الترمذي والبخاري وأحمد في رواية أبي طالب عنه وابن معين وأبوزرعة وأبوداود ويعقوب بن سفيان والعجلي وابن خراش. وقال أبوحاتم والنسائي وابن عدي: ليس به بأس: وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله: ليس بالقوى، فتعليل الحديث بضعف حميد ليس مما يلتفت إليه. وههنا حميد آخر، وهو حميد الأعرج الكوفي القاص الملائي، واختلف في اسم أبيه، فقيل: حميد بن عطاء وقيل. . . . . . . ابن علي، وقيل: ابن عبد الله، وقيل: ابن عبيد، وهو من رجال الترمذي ضعيف بالاتفاق.
(باب الجماعة) أي أحكامها وآدابها. (وفضلها) أي زيادة ثوابها. اعلم أنهم اختلفوا في بدأ مشروعية صلاة الجماعة، فجزم ابن حجر المكي في تحفة المحتاج في شرح المنهاج للنووي أنه شرعت بالمدينة، وفي روضة المحتاجين للشيخ رضوان العدل أصل مشروعيتها بمكة بدليل صلاة جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أيضاً بخديجة وبعلي، لكنها لم تظهر ولم يواظب عليها إلا بالمدينة، ولذا قيل إنها شرعت بالمدينة، وكانت الصحابة بمكة يصلون في بيوتهم لتسلط المشركين عليهم وقهرهم - انتهى. واختلفوا أيضاً في حكمها من الندب والوجوب، فقال الحافظ في الفتح: ذهب إلى القول بأنه فرض عين عطاء والأوزاعي وأحمد وجماعة من محدثي الشافعية كأبي ثور وابن خزيمة وابن المنذر، وبالغ داود ومن تبعه فجعلها شرطاً لصحة الصلاة. (وروى مثل ذلك عن أحمد والمشهور عنه أنها واجبة غير شرط) وظاهر نص الشافعي أنها فرض كفاية، وعليه جمهور المتقدمين من أصحابه، وقال به كثير من الحنفية والمالكية، والمشهور عند الباقين أنه سنة مؤكدة - انتهى. وفي شرح الهداية: عامة مشائخنا أنها واجبة، وفي المفيد: الجماعة واجبة وتسميتها سنة لوجوبها بالسنة، وقيل: فرض كفاية، وهو اختيار الطحاوي والكرخي وغيرهما - انتهى. واختار البخاري وجوبها وجوب عين حيث بوب علي حديث أبي هريرة ثاني أحاديث الباب بقوله: باب وجوب صلاة الجماعة، وذكر فيه قول الحسن أن منعته أمه عن العشاء في الجماعة شفقة لم يطعها، وقد عرف من عادته أنه يستعمل الآثار في التراجم لتوضيحها وتكميلها وتعيين أحد الاحتمالات في حديث الباب، فأثر الحسن هذا يشعر بكونه يريد أن صلاة الجماعة واجبة وجوب عين. وأقرب الأقوال عندي أن صلاة الجماعة سنة مؤكدة قريبة من الواجب، وبهذا تجتمع الأحاديث المشعرة بالوجوب، والأحاديث المقتضية لعدم الوجوب. هذا، وقد ذكر الشاه ولي الله الدهلوي في حجته (ج2: ص19) كلاماً جيداً في حكمة تشريع الجمعة والجماعات، فارجع إليه.
الصفحة 479
567