كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 3)

{الفصل الأول}
1059- (1) عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1059- قوله: (صلاة الجماعة) الإضافة لأدنى ملابسة أي صلاة أحدكم مع الجماعة، أو بحذف المضاف أي صلاة آحاد الجماعة، وإلا فليس المطلوب تفضيل صلاة الجماعة كلها على صلاة الواحد، بل تفضيل صلاة الواحد على صلاته باعتبار الحالين؛ لأنه لا فائدة في كون صلاة الجماعة كلها فاضلة هذا الفضل. (تفضل) بفتح التاء والسكون الفاء وضم الضاد المعجمة، أي تزيد في الأجر والثواب (صلاة الفذ) بفتح الفاء وتشديد الذال المعجمة، أي الفرد بمعنى المنفرد، وفي رواية لمسلم: صلاة الرجل في الجماعة تزيد على صلاته وحده. (بسبع وعشرين) ، قال الترمذي: عامة من روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما قالوا: خمس وعشرين إلا ابن عمر، فإنه قال بسبع وعشرين، قال الحافظ: لم يختلف عليه في ذلك إلا ما وقع عند عبد الرزاق عن عبد الله العمري عن نافع فقال فيه خمس وعشرين، لكن العمري ضعيف، ووقع عند أبي عوانة في مستخرجه من طريق أبي أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع فإنه قال بخمس وعشرين، وهي شاذة مخالفة لرواية الحفاظ من أصحاب عبيد الله وأصحاب نافع، وإن كان راويها ثقة، وأما ما وقع عند مسلم من رواية الضحاك بن عثمان عن نافع بلفظ: بضع وعشرين. فليست مغايرة لرواية الحفاظ، لصدق البضع على السبع، وأما غير ابن عمر فصح عن أبي سعيد وأبي هريرة كما في هذا الباب. (أى باب فضل الجماعة عند البخاري بلفظ خمس وعشرين) وعن ابن مسعود عند أحمد وابن خزيمة وعن أبي بن كعب عند ابن ماجه والحاكم وعن عائشة وأنس عند السراج، وورد أيضاً من طرق ضعيفة عن معاذ وصهيب وعبد الله بن زيد وزيد بن ثابت، وكلها عند الطبراني، واتفق الجميع على خمس وعشرين، سوى رواية أبي فقال: ربع أو خمس على الشك، أو سوى رواية أبي هريرة عند أحمد قال فيها: سبع وعشرون، وفي إسنادها شريك القاضي، وفي حفظه ضعف، وفي رواية لأبي عوانة بضعا وعشرين، وليست مغائرة أيضاً لصدق البضع على الخمس، فرجعت الروايات كلها إلى الخمس والسبع، إذ لا أثر للشك - انتهى. واختلف في توجيه هذا الاختلاف، فمنهم من حاول الترجيح فقيل: رواية الخمس أرجح لكثرة رواتها، وإليه مال الترمذي كما يشير إليه كلامه المتقدم، وقيل: رواية السبع؛ لأن فيها زيادة من عدل حافظ، ومنهم ما مال إلى الجمع بين هذين العددين، وذلك بوجوه: منها: أن ذكر القليل لا ينفي الكثير، ومفهوم العدد غير مراد، فرواية الخمس داخلة تحت رواية السبع. ومنها: أنه - صلى الله عليه وسلم - لعله أخبر بالخمس أولاً ثم أعلمه الله بزيادة الفضل، فالزائد متأخر عن

الصفحة 480