كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 3)
درجة))
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الناقص؛ لأن الله تعالى يزيد عباده من فضله ولا ينقصهم من الموعود شيئاً. ومنها: الفرق بقرب المسجد وبُعده. ومنها: الفرق بحال المصلى كأن يكون أعلم أو أخشع. ومنها: الفرق بالمنتظر للصلاة وغيره. ومنها: الفرق بإدراك كلها أو بعضها. ومنها: الفرق بكثرة الجماعة وقلتهم. ومنها: أن السبع مختصة بالفجر والعشاء، وقيل: بالفجر والعصر لاجتماع الملائكة، والخمس بما عدا ذلك. ومنها: أن السبع مختصة بالجهرية، والخمس بالسرية، ورجحه الحافظ في الفتح، ورجح الشوكاني الأول. واعلم أن التخصيص بهذا العدد من أسرار النبوة التي تقصر العقول عن إدراكها. قال التوربشتي: أما وجه قصر الفضيلة على خمس وعشرين تارة، وعلى سبع وعشرين أخرى، فمرجعه إلى العلوم النبوية التي لا يدركها العقلاء إجمالاً فضلاً عن التفصيل، ولعل الفائدة فيما كشف به حضرة النبوة هي اجتماع المسلمين على إظهار شعار الإسلام - انتهى. وقد تعرض جماعة منهم الكرماني والبلقيني للكلام على وجه الحكمة في هذا العدد الخاص، وذكروا مناسبات وتعليلات، وهي أقوال تخمينية ليس عليها نص، وقد طول الكلام في ذلك الحافظ في الفتح، من أحب الوقوف على ذلك رجع إليه. (درجة) هو مميز العدد المذكور، وفي الروايات كلها التعبير بقوله درجة، أو حذف المميز إلا طرق حديث أبي هريرة، ففي بعضها ضعاً، وفي بعضها جزء، وفي بعضها درجة، وفي بعضها صلاة، ووقع هذا الأخير في بعض طرق حديث أنس، والظاهر أن ذلك من تصرف الرواة ويحتمل أن يكون ذلك من التفنن في العبارة. قال ابن سيد الناس: هل هذه الدرجات والأجزاء بمعنى الصلوات، فيكون صلاة الجماعة بمثابة خمس وعشرين أو سبع وعشرين صلاة؟ أو يقال إن لفظ الدرجة والجزء لا يلزم منهما أن يكون بمقدار الصلاة، الظاهر الأول، ففي حديث لأبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: صلاة الجماعة تعدل خمساً وعشرين صلاة من صلاة الفذ، رواه السرج. وفي لفظ له: صلاة مع الإمام أفضل من خمس وعشرين صلاة يصليها وحده، إسنادهما صحيح، وفي حديث ابن مسعود بخمس وعشرين صلاة - انتهى. قلت: حديث أبي هريرة أخرجه أيضاً مسلم بكلا اللفظين، وحديث ابن مسعود أخرجه أحمد بإسناد رجاله ثقات. قال الحافظ: معنى الدرجة أو الجزء حصول مقدار صلاة المنفرد بالعدد المذكور للجمع، وقد أشار ابن دقيق العيد إلى أن بعضهم زعم خلاف ذلك، قال: والأول أظهر؛ لأنه قد ورد مبيناً في بعض الروايات - انتهى. وكأنه يشير إلى ما ذكرنا من الروايات. ثم ظاهر قوله: تفضل، وكذا قوله: تزيد في رواية لمسلم، وكذا قوله: تضعف في حديث أبي هريرة عند البخاري أن صلاة الجماعة تساوي صلاة المنفرد وتزيد عليها العدد المذكور، فيكون لمصلي الجماعة ثواب ست أو ثمان وعشرين من صلاة الفذ. قال الباجي: يقتضي هذا أن صلاة المأموم تعدل ثمانية وعشرين درجة من صلاة الفذ؛ لأنه تزيد سبعاً وعشرين درجة - انتهى. وهل هذا التضعيف يختص بالتجمع في المسجد أو لا يختص به؟ الظاهر الأول، قال الحافظ: وهو الراجح في نظري.
الصفحة 481
567