كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 3)
1060- (2) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب، فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال. وفي رواية: لا يشهدون الصلاة،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1060- قوله: (والذي نفسي) أي ذاتي أو روحي. (بيده) هو قسم كان النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيراً ما يقسم به، والمعنى أن أمر نفوس العباد بيد الله، أو بتقديره وتدبيره أو في ملكه وتحت تصرفه، وفيه جواز القسم على الأمر الذي لا شك فيه، تنبيهاً على عظم شأنه. (لقد هممت) هو جواب القسم أكده باللام وقد، والهم العزم، وقيل دونه، والمعنى: لقد قصدت. وزاد مسلم في أوله أنه - صلى الله عليه وسلم - فقد ناساً في بعض الصلوات فقال: لقد هممت، فأفاد ذكر سبب الحديث. (أن آمر) بالمد وضم الميم، أي خدمي لما في رواية فتيتي. (بحطب) بفتحتين، ما أعد من الشجر وقوداً للنار. قال القاري: أي يجمع حطب عظيم. (فيحطب) بالفاء وضم المثناه التحتية مبنياً للمفعول منصوباً عطفاً على المنصوب المتقدم، وكذا الأفعال الواقعة بعده، أي فيجمع الحطب. قال الطيبي: يقال حطبت الحطب واحتطبته أي جمعته. قال المؤلف: فيحطب كذا وجدناه في صحيح البخاري والجمع للحميدى وجامع الأصول وشعب الإيمان. وفي المصابيح فيحتطب أي من الاحتطاب. قلت: وكذا وقع لأبي الوقت في رواية البخاري وللبيهقي (ج3 ص55) . وحطب واحتطب بمعنى واحد. (ثم آمر) بالمد وضم الميم. (بالصلاة) العشاء أو الفجر أو الجمعة أو مطلقاً، كلها روايات ولا تضاد لجواز تعدد الواقعة، قاله القسطلاني. قلت: عامة الروايات عن أبي هريرة على الإبهام، نعم يومئ آخر هذه الرواية أنها العشاء لقوله: لشهد العشاء. وفي رواية مسلم: لشهدها، يعني صلاة العشاء ولذلك فسرها القاري بالعشاء، قال: ويحتمل بقاءه على عمومه إن تعددت القصة. وقال النووي: جاء في رواية أن هذه الصلاة التي همّ بتحريقهم للتخلف عنها هي العشاء, وفي رواية أنها الجمعة، وفي رواية يتخلفون عن الصلاة مطلقاً، وكله صحيح، ولا منافاة بين ذلك أي لحمله على تعدد القضية. (فيؤذن) بفتح الذال المشددة. (لها) أي لأجلها. (ثم آمر رجلا فيؤم الناس) فيد دليل لجواز استخلاف الإمام وانصرافه لعذر. (ثم) أخالف إلى رجال أي آتيهم من خلفهم. وقال الجوهري: خالف إلى فلان أي أتاه إذا غاب عنه، أو المعنى أخالف المشتغلين بالصلاة قاصداً إلى بيوت الذين لم يخرجوا عنها إلى الصلاة فأحرقها عليهم، وقيل: معناه: أذهب إليهم، وقيل: المعنى أخالف الفعل الذي أظهرت من إقامة الصلاة فأتركه وأسير إليهم، أو أخالف ظنهم في أنى مشغول بالصلاة عن قصدي إليهم. والتقييد بالرجال يخرج النساء والصبيان، وهو منصوص في رواية لأحمد بلفظ: لولا ما في البيوت من النساء والذرية- الحديث. (وفي رواية) أي أخرى. (لا يشهدون الصلاة) أي لا يحضرون
الصفحة 483
567