كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 3)

رواه البخاري. ولمسلم نحوه.
1061- (3) وعنه، قال: ((أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل أعمى، فقال: يا رسول الله! إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حقيراً لحضرها لقصور همته على الدنيا، ولا يحضرها لما لها من مثوبات الآخرة ونعيمها، ففيه توبيخ وإشارة إلى ذم المتخلفين بوصفهم بالحرص على الشيء الحقير من مطعوم أو ملعوب به مع التفريط فيما يحصل به رفيع الدرجات ومنازل الكرامات. وفي الحديث من الفوائد تقديم التهديد والوعيد على العقوبة، وسره أن المفسدة إذا ارتفعت بالأهون من الزواجر اكتفى به عن الأعلى من العقوبة، فهو من باب الدفع بالأخف. وفيه جواز العقوبة بالمال، كذا استدل به كثير من القائلين بذلك من المالكية وغيرهم. وفيه جواز أخذ أهل الجرائم على غرة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - هم بذلك في الوقت الذي عهد منه فيه الاشتغال بالصلاة الجماعة، فأراد أن يبغتهم في الوقت الذي يتحققون أنه لا يطرقهم فيه أحد، وفي السياق إشعار بأنه تقدم منه زجرهم عن التخلف بالقول حتى استحقوا التهديد بالفعل، وترجم عليه البخاري في كتاب الأشخاص وفي كتاب الأحكام: باب أخراج أهل المعاصي والريب من البيوت بعد المعرفة، يريد أن من طلب منهم بحق فاختفى أو امتنع في بيته لدداً ومطلاً أخرج منه بكل طريق يتوصل إليه بها، كما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - إخراج المتخلفين عن الصلاة بإلقاء النار عليهم في بيوتهم. وفيه الرخصة للإمام أو نائبة في ترك الجماعة لأجل إخراج من يستخفى في بيته ويتركها، ولا بعد أن يلحق بذلك الجمعة فقد ذكروا من الأعذار في التخلف عنها خوف فوات الغريم وأصحاب الجرائم في حق الإمام كالغرماء. واستدل به ابن العربي على جواز إعدام محل المعصية، كما هو مذهب مالك. قال العيني: وكذلك روي عن بعض أصحابنا، وادعى الجمهور النسخ. (رواه البخاري) في الصلاة وفي كتاب الأشخاص وكتاب الأحكام، وأخرجه أيضاً أحمد ومالك والنسائي والبيهقي. (ولمسلم نحوه) وكذا للترمذي وأبي داود وابن ماجه.
1061- قوله: (رجل أعمى) قال النووي وغيره: هو ابن أم مكتوم كما جاء مفسراً في سنن أبي داود وغيره، يعني بذلك رواية أبي داود والنسائي الآتية في الفصل الثالث. (ليس لي قائد) القائد هو الذي يمسك يد الأعمى ويأخذها ويذهب به حيث شاء ويجرة، من القود وهو ضد السوق فهو من أمام، وذاك من خلف، والمراد نفي القائد الملائم أي الموافق المساعد، لا نفي القائد مطلقاً، جمعاً بينه وبين ما وقع في الرواية الآتية عند أبي داود: ولى قائد لا يلائمني، إذا كان الأعمى المذكور في حديث أبي هريرة هذا هو ابن أم مكتوم، وقيل: هما واقعتان. (يقودني) أي يمسكني ويأتي معي. (إلى المسجد) لصلاة الجماعة وفي رواية النسائي إلى الصلاة. (أن

الصفحة 487