كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 3)

فلا يأتيها حتى يفرغ منه، وإنه ليسمع قراءة الإمام)) متفق عليه.
1064- (6) وعن عائشة، رضي الله عنها، أنها قالت: ((سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا صلاة بحضرة الطعام، ولا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حتى يقضي عشاءه ثم يخرج فيصلي. (فلا يأتيها) أي الصلاة في المسجد. (حتى يفرغ منه) أي من أكله. وليس في صحيح البخاري لفظ "منه". (وأنه) الواو للحال. (ليسمع) بلام التأكيد. (قراءة الإمام) أي من قربه من المسجد. واستنبط من الحديث كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله لما فيه من ذهاب كمال الخشوع. قال النووي: ويلتحق به ما في معناه مما يشغل القلب، وهذا إذا كان في الوقت سعة، فإن ضاق صلى على حاله محافظة على حرمة الوقت، ولا يجوز التأخير. وحكى المتولي وجهاً أنه يبدأ بالأكل وإن خرج الوقت؛ لأن مقصود الصلاة الخشوع فلا يفوته - انتهى. وهذا إنما يجيء على قول من يوجب الخشوع، ثم فيه نظر؛ لأن المفسدتين إذا تعارضتا اختصر على أخفها، وخروج الوقت أشد من ترك الخشوع، بدليل صلاة الخوف وغير ذلك، وإذا صلى لمحافظة الوقت صحت مع الكراهة، وتستحب الإعادة عند الجمهور. واستدل به القرطبي على أن شهود صلاة الجماعة ليس بواجب؛ لأن ظاهره أنه يشتغل بالأكل وإن فاتته الصلاة بالجماعة. وفيه نظر؛ لأن بعض من ذهب إلى الوجوب كابن حبان جعل حضور الطعام عذراً في ترك الجماعة، فلا دليل فيه حينئذٍ على إسقاط الوجوب مطلقاً. وفيه دليل على تقديم فضيلة الخشوع في الصلاة على فضيلة أول الوقت، فإنهما لما تزاحما قدم الشارع الوسيلة إلى حضور القلب على أداء الصلاة في أول الوقت. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود والترمذي وابن ماجه والبيهقي، وليس في حديث مسلم القسم الموقوف على ابن عمر من فعله، بل هو عند البخاري فقط، وأخرج نحوه الترمذي وأبوداود وابن ماجه، وفي الباب عن عائشة وأنس عند الشيخين وعن أم سلمة عند أحمد وأبي يعلي والطبراني وعن سلمة بن الأكوع وابن عباس وأنس عند الطبراني.
1064- قوله: (لا صلاة) أي كاملة، وقيل: هو نفي بمعنى نهي، ويؤيده رواية أبي داود: لا يصلي الرجل بحضرة الطعام. (بحضرة الطعام) وفي بعض النسخ "بحضرة طعام" كما في صحيح مسلم، أي بحضور طعام بين يدي من يريد أكله، وفيه دليل على أن حمل الصلاة في قوله: أقيمت الصلاة، في الحديث السابق على العموم أولى؛ لأن لفظ صلاة في هذا الحديث نكرة في سياق النفي، ولا شك أنها من صيغ العموم، ولأن لفظ الطعام مطلق غير مقيد بالعشاء، فالظاهر أن ذكر المغرب في حديث أنس من التنصيص على بعض أفراد العام وليس بتخصيص. (ولا) أي ولا

الصفحة 492