كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 3)

وما كثر فهو أحب إلى الله)) رواه أبوداود، والنسائي.
1074- (16) وعن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((ما من ثلاثة في قرية ولا بد ولا تقام
فيهم الصلاة، إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ما–انتهى. ولفظ النسائي: وما كانوا أكثر فهو أحب إلى الله. قال السندي: أي قدر كانوا أكثر فذلك القدر أحب مما دونه. وفي رواية لأحمد: وما كان أكثر فهو أحب إلى الله، وذكره المنذري في الترغيب بلفظ: كذا كثر فهو أحب إلى الله، وفيه أن ما كثر جمعه فهو أفضل مما قل جمعه، وأن الجماعات تتفاوت في الفضل وإن كونها تعدل سبعاً وعشرين صلاة يحصل لمطلق الجماعة، وأحاديث التضاعف إلى هذا المقدار لا ينفي الزيادة في الفضل. لما كان أكثر لاسيما مع وجود النص المصرح بذلك، كما في هذا الحديث، ففيه رد على من ذهب إلى القول بتساوى الجماعات في الفضل سواء كثرت الجماعة أو قلت واستدل بقوله "أزكى" على عدم وجوب الجماعة؛ لأنه صيغة أفعل تدل على الاشتراك في أصل الزكاء، والمشترك ههنا لا بد أن يكون هو الإجزاء والصحة، وإلا فلا صلاة فضلاً عن الزكاء؛ لأن ما لا يصح لا زكاء فيه وقد تقدم الكلام في ذلك مبسوطاً. (رواه أبوداود) وسكت عنه. (والنسائي) وأخرجه أيضاً أحمد (ج5: ص140) وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم (ج1: ص247) والبيهقي (ج3: ص61-68 و102) قال المنذري في الترغيب وقد جزم يحيى بن معين والذهلي بصحة هذا الحديث. وقال الشوكاني: صححه ابن السكن والعقيلي والحاكم وأشار ابن المديني على صحته. وقال الحافظ: وله شاهد قوي في الطبراني من حديث قباث بن أشيم ولفظه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صلاة الرجلين يؤم أحدهما صاحبه أزكى عند الله من صلاة أربعة تترى، وصلاة أربعة يؤم أحدهم أزكى عند الله من صلاة ثمانية تترى، وصلاة ثمانية يؤمهم أحدهم أزكى عند الله من صلاة مائة تترى. قال المنذري في الترغيب: رواه البزار والطبراني بإسناد لا بأس به. وقال الهيثمي بعد عزوه إلى البزار والطبراني في الكبير: ورجال الطبراني موثقون - انتهى. وأخرجه أيضاً البخاري في تاريخه والبيهقي (ج3: ص61) .
1074- قوله: (ما من ثلاثة) أي رجال، وتقييده بالثلاثة المفيد ما فوقهم بالأولى نظراً إلى أقل أهل القرية غالباً، ولأنه أقل الجمع، وأنه أكمل صور الجماعة وإن كان يتصور باثنين، قاله القاري. (في قرية ولا بدو) بفتح الباء وسكون الدال أي بادية. قال في القاموس: البدو والبادية والباداة والبداوة خلاف الحضر. (لا تقام فيهم الصلاة) أي الجماعة. (إلا قد استحوذ عليهم الشيطان) أي غلبهم واستولى عليهم وحولهم إليه فأنساهم ذكر الله، وهذه كلمة مما جاء على أصله بلا إعلال خارجة عن أخواتها كاستقال واستقام. (فعليك بالجماعة)

الصفحة 510