كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 3)

فإنما يأكل الذئب القاصية)) رواه أحمد، وأبوداود، والنسائي.
1075- (17) وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه
عذر. قالوا: وما العذر؟ قال: خوف
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي الزمها فإن الشيطان بعيد عن الجماعة ويستولى على من فارقها. قال الطيبي: قوله فعليك من الخطاب العام تفخيماً للأمر، والفاء مسببة عن قوله "قد استحوذ" والفاء في قوله: (فإنما) مسببة عن الجميع يعني إذا عرفت هذه الحالة فأعرف مثاله في الشاهد. (يأكل الذئب القاصية) أي الشاة المنفردة عن القطيع البعيدة عنه لبعدها عن راعيها، فإن عين الراعي تحمي الغنم المجتمعة. قيل: المراد أن الشيطان يتسلط على من يخرج عن عقيدة أهل السنة والجماعة. وقيل: عن طاعة الإمام المجتمع على أمره وإطاعته والأوفق بالحديث أن المنفرد ما ذكره السائب بن حبيش أحد رواة هذا الحديث عند النسائي والبيهقي بقوله: يعني بالجماعة الجماعة في الصلاة، أي يتسلط على من يعتاد الصلاة بالانفراد ولا يصلي مع الجماعة، وهو الذي فهمه أبوداود والنسائي حيث بوبا عليه: باب التشديد في ترك الجماعة، وبوب عليه البيهقي: باب فرض الجماعة في غير الجمعة على الكفاية. والحديث استدل به على وجوب الجماعة؛ لأن استحواذ الشيطان وهو غلبته إنما يكون بما يكون معصية كترك الواجب دون السنة. قال القاري: ظاهر الحديث يدل على أن الجماعة فرض عين أو واجب على مختار مذهبنا، ولا يدل على أنها فرض كفاية وإنما قيد بالثلاثة؛ لأنها أقل كمال الجماعة في غير الجمعة - انتهى. (رواه أحمد وأبوداود) وسكت عليه هو والمنذري. (والنسائي) وأخرجه أيضاً ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم (ج1: ص246) وصححه، والبيهقي (ج3: ص54) وقال النووي: إسناده صحيح قال المنذري في الترغيب، وزاد رزين في جامعه: وإن ذئب الإنسان الشيطان إذا خلا به أكله.
1075- قوله: (من سمع المنادي) أي نداء المؤذن للصلاة المكتوبة. (فلم يمنعه) أي السامع- قال ابن الملك: فيه حذف اعتماداً على المعنى أي فلم يتبعه ولم يمنعه. (من اتباعه) أي اتباع المنادي بحضور المسجد للجماعة. قال ابن حجر: أي من إتيانه إلى الجماعة التي دعي إليها، والتقييد بسماع النداء بالجماعة التي يسمع مؤذنها جرى على الغالب؛ لأن الإنسان إنما يذهب إلى الجماعة التي يسمع مؤذنها، وإلا فلو ذهب لجماعة لم يسمع مؤذنها فقد أتى بالفرض، ولو لم يسمع المؤذن ولا عذر له لم يسقط عنه الفرض، إذ عدم سماعه المؤذن ليس من الأعذار، والحاصل أن المراد من لزمه حضور الجماعة ولم يمنعه من المجيء إليها. (عذر) أي نوع من الأعذار. (قالوا) أي الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم -. (قال) أي النبي - صلى الله عليه وسلم -. (خوف) أي هو خشية على نفسه أو عرضه أو ماله-.

الصفحة 511