كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 3)

قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الخلاء فليبدأ بالخلاء)) رواه الترمذي، وروى مالك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ثم استعفى عثمان فأعفاه، وكان جده عبد يغوث خال النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت آمنة بنت وهب أمه - صلى الله عليه وسلم - عمة أبيه الأرقم، قال السائب بن يزيد وعبد الله بن عتبة: ما رأيت أخشى لله من عبد الله بن أرقم. وقال عبد الله بن الزبير: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استكتب عبد الله بن الأرقم، وكان يجيب عنه الملوك، وبلغ من أمانته عنده أنه كان يأمره أن يكتب إلى بعض الملوك فيكتب ويختم ولا يقرأه لأمانته عنده. قال الحافظ في تهذيب التهذيب (ج5: ص146) : روى له الأربعة حديثاً واحداً في البداءة بالخلاء لمن أراد الصلاة، ويقال ليس له مسند غيره، قال ذلك البزار في مسنده. وقال الخزرجي في الخلاصة: له أحاديث وعندهم، أي عند الأربعة فرد حديث. وقال المنذري في مختصر السنن: روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثاً واحداً، ليس له في هذه الكتب سوى هذا الحديث. توفي في خلافة عثمان، وكذا ذكره البخاري في التاريخ الصغير، ووقع في ثقات ابن حبان: أنه توفي في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين، وهو وهم فاحش. (ووجد أحدكم الخلاء) أي وجد أحدكم احتياجه إلى البزار. (فليبدأ بالخلاء) أي فليبدأ بما احتاج إليه من قضاء الحاجة فيفرغ نفسه ثم يرجع فيصلي؛ لأنه إذا صلى قبل ذلك تشوش خشوعه واختل حضور قلبه، فيجوز له ترك الجماعة لهذا العذر، ولفظ الشافعي: ووجد أحدكم الغائط فليبدأ بالغائط. ولفظ مالك: إذا أراد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة. ولفظ أبي داود: إذا أراد أحدكم أن يذهب الخلاء وقامت الصلاة فليبدأ بالخلاء. والحديث فيه دليل على أنه لا يقوم إلى الصلاة وهو يجد شيئاً من الغائط والبول. قال في الشرح الكبير (ص) : يكره أن يصلي وهو حاقن سواء خاف فوت الجماعة أو لا، لا نعلم فيه خلافاً وهو قول مالك والشافعي وأصحاب الرأى، لرواية عائشة عند مسلم. (يعني التي تقدمت في الفصل الأول) ولأن ذلك يشغله عن خشوع الصلاة فإن خالف وفعل صحت صلاته. (أي إن أكملها ولم يترك شيئاً من فرائضها) وهو قول أبي حنيفة والشافعي، وقال ابن أبي موسى: إن من به من مدافعة الأخبثين ما يزعجه ويشغله عن الصلاة أعاد في الظاهر من قوله. وقال مالك: أحب إلى أن يعيد إذا شغله ذلك لظاهر الخبر. ولنا أنه أن صلى بحضرة الطعام وقلبه مشغول بشيء من الدنيا صحت صلاته كذا ههنا، وخبر عائشة أريد به الكراهة، بدليل ما لو صلى بحضرة الطعام. قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه لو صلى بحضرة الطعام فأكمل صلاته أن صلاته تجزئة، فكذلك إذا صلى حاقناً - انتهى. واختلفوا في تعليل هذا الحكم فقيل؛ لأنه يشغل القلب ولا يوفي الصلاة حقها من الخشوع. وقيل: العلة فيه انتقال الحدث، وانتقال الحدث سبب لخروجه، فلا يكون أقل من مس الذكر. وقيل:؛ لأنه حامل للنجاسة؛ لأنها متدافعة للخروج، فإذا أمسكها قصداً فهو كالحامل لها، والظاهر هو الأول. (رواه الترمذي) وقال حديث حسن صحيح.

الصفحة 513