كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 3)

1084- (26) وعن ابن عباس، رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((من سمع النداء فلم يجبه، فلا
صلاة له إلا من عذر)) رواه الدارقطني.
1085- (27) وعن عبد الله بن أم مكتوم،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1084- قوله: (من سمع النداء) أي وعليه ما نودي لها من الصلاة وإلا فلو صلاها قبل لم يلزم المجيء. (فلم يجبه) أي النداء بالفعل يعني فلم يحضر المسجد. وفي رواية ابن ماجه "فلم يأته"، أي محل النداء لأداء تلك الصلاة التي نودي لها. (فلا صلاة له) أي فليس له تلك الصلاة لو صلاها في غير محل النداء، وإنما أتى بنفي الجنس للدلالة على عموم الحكم لكل صلاة ترك فيها إجابة الأذان، وإلا فليس المراد أنه بطلت صلاته كلها بترك الإجابة مرة. وظاهر الحديث أن الجماعة في المسجد الذي سمع نداءه فرض لصحة الصلاة حتى لو تركها بطلت صلاته، وهو خلاف ما عليه الجمهور، فلا بد لهم من حمل الحديث على نقصان تلك الصلاة أي فلا صلاة له كاملة فنزل نفي الكمال منزلة نفي الذات مبالغة، أو المراد فلا صلاة مقبولة. (إلا من عذر) قال القاري: استثناء من عدم الإجابة. (رواه الدارقطني) وأخرجه أيضاً بقي بن مخلد وابن ماجه وابن حبان والحاكم والبيهقي كلهم من طريق هشيم عن شعبة عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قال الحاكم: صحيح على شرطهما. وقال الحافظ في بلوغ المرام: إسناده على شرط مسلم، لكن رجح بعضهم وقفه. وقال في التلخيص (ص123) : إسناده صحيح لكن قال الحاكم: وقفه غندر وأكثر أصحاب شعبة، ثم أخرج له شواهد، منها عن أبي موسى الأشعري وهو من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي بردة عن أبيه بلفظ: من سمع النداء فارغاً صحيحاً فلم يجب فلا صلاة له. ورواه البزار من طريق قيس بن الربيع عن أبي حصين أيضاً، ورواه من طريق سماك عن أبي بردة عن أبيه موقوفاً. وقال البيهقي: الموقوف أصح - انتهى. ونقل الهيثمي في مجمع الزوائد حديث أبي موسى عن الطبراني في الكبير بلفظ: من سمع النداء فلم يجب من غير ضرر ولا عذر فلا صلاة له. قال: وفيه قيس بن الربيع وثقة شعبة وسفيان الثوري، وضعفه جماعة - انتهى. وقد ظهر بهذا أن إسناد حديث ابن عباس هذا أمثل مما تقدم من روايته في الفصل الثاني.
1085- قوله: (عن عبد الله بن أم مكتوم) القرشي العامري الأعمى الصحابي المشهور، مؤذن النبي - صلى الله عليه وسلم -، المعروف بابن أم مكتوم. اختلف في اسمه، فقيل: عمرو. وقيل: عبد الله. وقيل: الحصين، والأول أكثر وأشهر وهو عمرو بن زائدة. ويقال: عمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم. واسم أمه أم مكتوم عاتكة بنت عبد الله ابن عكثة وهو ابن خال خديجة أم المؤمنين فإن أم خديجة أخت قيس بن زائدة واسمها فاطمة، أسلم قديماً

الصفحة 524