كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 3)

لم أر سليمان في الصبح، فقالت: إنه بات يصلي فغلبته عيناه. فقال عمر:؛ لأن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحب إلى من أن أقوم ليلة. رواه مالك.
1088- (30) وعن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اثنان فما فوقهما جماعة))
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فنزلتها مع ابنها سليمان، وكان عمر يقدمها في الرأي ويرعاها ويفضلها وربما ولاها شيئاً من أمر السوق. (لم أر) ولدك. (سليمان في الصبح) أي في صلاته بالجماعة في المسجد. فيه تفقد الإمام رعيته، وفيه أيضاً إشارة إلى مواظبة سليمان على صلاة الصبح معه. (إنه بات) أي سهر (يصلي) في الليل. (فغلبته عيناه) أي بالنوم آخر الليل. قال الطيبي: الأصل غلب عليه النوم، فأسند إلى مكان النوم مجازاً. قال الباجي: الظاهر أنه نام فلم يستيقظ وقت الصلاة. ويحتمل أن يكون معنى غلبتهما له عن بلغ منه النوم مبلغاً لا يمكنه الصلاة معه، فنام عن صلاة الجماعة- انتهى. (لأن أشهد) أي أحضر. (أحب إلى أن أقوم) أي أصلي. (ليلة) أن من قيام الليلة وأحيائها بالنوافل لما في ذلك من الفضل الكبير حتى أن صلاة الجماعة واجبة عيناً عند أحمد، وكفاية عند كثير من الحنفية والشافعية، فهي آكد من النوافل. (رواه مالك) عن ابن شهاب الزهري عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حنثمة أن عمر بن الخطاب فقد ... الخ. قال الزرقاني في شرح الموطأ: وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سليمان بن أبي حثمة عن أمه الشفاء، قالت: دخل علي عمر، وعندي رجلان نائمان، تعني زوجها أباحثمة وابنها سليمان، فقال أما صليا الصبح؟ قلت لم يزالا يصليان حتى أصبحا فصليا الصبح وناما فقال؛ لأن أشهد الصبح في جماعة أحب إلى من قيام ليلة. قال أبوعمر: خالف معمر مالكاً في إسناده، والقول مالك - انتهى. يعني لأنه قال عن الزهري عن أبي بكر بن سليمان أن عمر الخ. ومعمراً قال عن الزهري عن سليمان عن أمه، فهي مخالفة ظاهرة، وسياق متنه فيه خلف أيضاً إلا أن يقال إن كان محفوظاً احتمل أن هذه مرة أخرى مع أبيه، فهما قصتان فلا خلف - انتهى كلام الزرقاني.
1088- قوله: (اثنان) أي مع الإمام. وقيل: سوى الإمام، والأول هو الظاهر، بل هو المتعين (جماعة) أي لهما فضل الجماعة إذا صليا مجتمعين أو ينبغي لهما الصلاة بالاجتماع لا بالانفراد. قال الطيبي: اثنان مبتدأ صفة لموصوف محذوف. ويجوز أن يتخصص بالعطف على قول: فإن الفاء للتعقيب، والمعنى اثنان وما يزيد عليهما على التعاقب واحداً بعد واحد يعد جماعة، نحو قولك الأمثل فالأمثل - انتهى. وقال في اللمعات: اثنان مبتدأ وجماعة خبره، ولا حاجة إلى تكلف جعله صفة لموصوف محذوف بناء على قاعدة وجوب تخصيص المبتدأ على ما هو المشهور لما اختاره الرضى من أن المدار على الفائدة - انتهى. وفيه دليل على أن أقل الجماعة إمام

الصفحة 528