كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 5)
وذوات الخدور، فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم، وتعتزل الحيض عن مصلاهن، قالت امرأة: يا رسول الله! إحدانا ليس لها جلباب؟
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ظاهرهما وباطنهما، يعني حيث أفرد الظاهر والباطن، قال ابن حجر: فلو روى الحديث بلفظ التثنية على الأصل لجاز أي جاز أن يقول يومي العيدين أو يومي العيد (وذوات الخدور) منصوب بالكسر كمسلمات عطفاً على الحيض والخدور – بضم الخاء المعجمة والدال المهملة – جمع خدر بكسرها وسكون الدال، وهو ستر يكون في ناحية البيت تقعد البكر وراءه. وقال الجزري: الخدر ناحية في البيت، يكون عليها ستر، فتكون فيها الجارية البكر، وهي المخدرة أي خدرت في الخدر، وفي رواية: نخرج العواتق وذوات الخدور والحيض، والعواتق جمع عاتق، وهي الشابة أول ما تدرك، وقيل: هي التي قاربت البلوغ، وقيل: هي الجارية التي قد أدركت وبلغت، فخدرت في بيت أهلها ولم تتزوج، سميت بذلك لأنها عتقت عن خدمة أبويها، ولم يملكها زوج بعد (فيشهدن) أي يحضرن (جماعة المسلمين ودعوتهم) أي دعائهم وفي رواية: يشهدن الخير ودعوة المسلمين، قيل: المراد بشهود الخير هو الدخول في فضيلة الصلاة لغير الحيض، وقوله: "دعوة المسلمين" يعم الجميع، واستدل بقوله: "دعوة المسلمين" على مشروعية الدعاء بعد صلاة العيد، كما يدعى دبر الصلوات الخمس، وفيه نظر؛ لأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعاء صلاة العيدين، ولم ينقل أحد الدعاء بعدها بل الثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يخطب بعد الصلاة من غير فصل بشيء آخر، فلا يصح التمسك بإطلاق قوله "دعوة المسلمين" والظاهر أن المراد بها الأذكار التي في الخطبة وكلمات الوعظ والنصح، فإن لفظ الدعوة عام والله تعالى أعلم. (وتعتزل الحيض عن مصلاهن) أي عن مكان صلاة النساء اللاتي لسن بحيض يعني تنفصل وتقف في موضع منفردات غير مختلطات بالمصليات خوف التنجيس والإخلال بتسوية الصفوف، وهو خبر بمعنى الأمر، قال في الفتح: حمله الجمهور على الندب؛ لأن المصلى ليس بمسجد فيمتنع الحيض من دخوله، وقال ابن المنير: الحكمة في اعتزالهن أي في وقوفهن وهن لا يصلين مع المصليات إظهار استهانة بالحال، فاستحب لهن اجتناب ذلك – انتهى. وفي رواية: كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى نخرج البكر من خدرها حتى نخرج الحيض، فيكن خلف الناس، فيكبرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته، وفي رواية: فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهد الخير ودعوة المسلمين، وفيه أن الحائض لا تهجر ذكر الله ولا مواطن الخير كمجالس العلم والذكر سوى المساجد، قال الخطابي: أمر جميع النساء بحضور المصلى يوم العيد لتصلي من ليس لها عذر وتصل بركة الدعاء إلى من لها عذر، وفيه ترغيب الناس في حضور الصلوات ومجالس الذكر ومقاربة الصلحاء لينالهم بركتهم. (قالت امرأة) هي أم عطية نفسها، كما تدل عليه رواية الشيخين (إحدانا) أي ما حكم واحدة منا (ليس لها جلباب) وقال القسطلاني: قوله: "إحدانا" أي بعضنا مبتدأ
الصفحة 31
560