كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 5)

قال: لتلبسها صاحبتها من جلبابها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
خبره "ليس لها جلباب" أي كيف تشهد ولا جلباب لها وذلك بعد نزول الحجاب، وفي رواية: أعلى إحدانا بأس إذا لم يكن لها جلباب أن لا تخرج؟ والجلباب بكسر الجيم وسكون اللام وبموحدتين بينهما ألف، كساء تستتر النساء به إذا خرجن من بيتهن، وقال في القاموس: الجلباب كسِرْداب وسنَمار: القميص وثوب واسع للمرأة دون الملحفة، أو ما يغطى به ثيابها من فوق كالملحفة، أو هو الخمار – انتهى. (لتلبسها) بضم التاء وسكون اللام وكسر الموحدة وجزم المهملة، أمر من الإلباس على سبيل الندب (صاحبتها) بالرفع على الفاعلية (من جلبابها) قال الحافظ: يحتمل أن يكون للجنس، أي تعيرها من جنس ثيابها يعني تعيرها من ثيابها ما لا تحتاج إليه، ويؤيده رواية ابن خزيمة من جلابيبها، وللترمذي: فلتعرها أختها من جلابيبها، والمراد بالأخت الصاحبة، ويحتمل أن يكون المراد تشركها معها في ثوبها الذي عليها، ويؤيده رواية أبي داود: تلبسها صاحبتها طائفة من ثوبها، يعني إذا كان واسعاً، ويحتمل أن يكون المراد بقوله "ثوبها" جنس الثياب، فيرجع للأول، ويؤخذ منه جواز اشتمال المرأتين في ثوب واحد عند التستر، وقيل: إنه ذكر على سبيل المبالغة أي يخرجن على كل حال ولو اثنتين في جلباب – انتهى. وفي الحديث من الفوائد أن من شأن العواتق المخدرات عدم البروز إلا فيما أذن لهن فيه، وفيه استحباب إعداد الجلباب للمرأة، ومشروعية عارية الثياب، وفيه امتناع خروج المرأة بغير جلباب، وفيه استحباب خروج النساء إلى شهود العيدين، سواء كن شواب أم لا، وذوات هيئات أم لا، قال الشوكاني: حديث أم عطية وما في معناه من الأحاديث قاضية بمشروعية خروج النساء في العيدين إلى المصلى من غير فرق بين البكر والثيب والشابة والعجوز والحائض وغيرها ما لم تكن معتدة أو كان في خروجها فتنة، أو كان لها عذر، وقد اختلف العلماء في ذلك على أقوال: أحدها أن ذلك مستحب، وحملوا الأمر فيه على الندب، ولم يفرقوا بين الشابة والعجوز، وهذا قول أبي حامد من الحنابلة والجرجاني من الشافعية، وهو ظاهر إطلاق الشافعي. القول الثاني: التفرقة بين الشابة والعجوز، قال العراقي: وهو الذي عليه جمهور الشافعية تبعاً لنص الشافعي في المختصر. والقول الثالث: أنه جائز غير مستحب لهن مطلقاً، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد فيما نقله عنه ابن قدامة في المغني (ج2 ص375-376) . والرابع: أنه مكروه، وقد حكاه الترمذي عن الثوري وابن المبارك، وهو قول مالك وأبي يوسف، وحكاه ابن قدامة عن النخعي ويحيى بن سعيد الأنصاري، وروى ابن أبي شيبة عن النخعي أنه كره للشابة أن تخرج إلى العيدين، والقول الخامس: أنه حق على النساء الخروج إلى العيد، حكاه القاضي عياض عن أبي بكر وعلي وابن عمر، وقد روى ابن أبي شيبة عن أبي بكر وعلي أنهما قالا: حق على كل ذات نطاق الخروج إلى العيدين. قال الحافظ: وقد ورد هذا مرفوعاً بإسناد لا بأس به، أخرجه أحمد وأبويعلى وابن المنذر من طريق امرأة من عبد القيس عن أخت عبد الله بن

الصفحة 32