كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 5)

متفق عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
رواحة والمرأة لم تسم، والأخت اسمها عمرة صحابية، وقوله "حق" يحتمل الوجوب، ويحتمل تأكد الاستحباب – انتهى. قال الشوكاني: والقول بكراهة الخروج على الإطلاق رد للأحاديث الصحيحة بالآراء الفاسدة، وتخصيص الشواب يأباه صريح الحديث المتفق عليه وغيره – انتهى. قلت: ذهب الحنفية إلى كراهة الخروج للعيدين للشواب دون العجائز، قال ابن الهمام: وتخرج العجائز للعيد لا الشواب – انتهى. قال القاري بعد نقل كلام ابن الهمام ما لفظه: وهو قول عدل، لكن لابد أن يقيد بأن تكون غير مشتهاة ي ثياب بذلة بإذن حليلها مع الأمن من المفسدة، بأن لا يختلطن مع الرجال، ويكن خاليات من الحلي والحلل البخور والشموم والتبختر والتكشف ونحوهما مما أحدثن في هذا الزمان من المفاسد، وقد قال أبوحنيفة: ملازمات البيوت لا يخرجن – انتهى. قلت: لا دليل على منع الخروج للعيد للشواب وذوات الهيئات مع الأمن من المفاسد مما أحدثن في هذا الزمان، بل هو مستحب لهن، وهو القول الراجح، وأما الاستدلال على كراهة خروج النساء إلى العيدين مطلقاً بقول عائشة: لو أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء لمنعهن من الخروج كما منعت نساء بني إسرائيل، فمردود لوجوه ثمانية سردها ابن حزم في المحلى (ج4 ص200) ، وقد أوردنا بعضها في باب فضل الجماعة نقلاً عن الفتح، قال الحافظ: وقد ادعى بعضهم النسخ فيه، قال الطحاوي: وأمره – عليه السلام – بخروج الحيض وذوات الخدور إلى العيد يحتمل أن يكون في أول الإسلام، والمسلمون قليل، فاريد التكثير بحضورهن إرهاباً للعدو، وأما اليوم فلا يحتاج إلى ذلك، وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، قال الكرماني: تاريخ الوقت لا يعرف، قال الحافظ: بل هو معروف بدلالة حديث ابن عباس أنه شهد خروجهن، وهو صغير، وكان ذلك بعد فتح مكة، ولا حاجة إليهن لقوة الإسلام حينئذٍ، فلم يتم مراد الطحاوي، وقد صرح في حديث أم عطية بعلة الحكم، وهو شهودهن الخير ودعوة المسلمين ورجاء بركة ذلك اليوم وطهرته، وقد أفتت به أم عطية بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بمدة، ولم يثبت عن أحد من الصحابة مخالفتها في ذلك، وأما قول عائشة: لو رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء ... الخ فلا يعارض ذلك لندوره إن سلمنا أن فيه دلالة على أنها أفتت بخلافه مع أن الدلالة منه بأن عائشة أفتت بالمنع ليست صريحة، وفي قوله: "إرهاباً للعدو" نظر؛ لأن الاستنصار بالنساء والتكثر بهن في الحرب دال على الضعف، والأولى أن يخص ذلك بمن يؤمن عليها وبها الفتنة ولا يترتب على حضورها محذور ولا تزاحم الرجال في الطريق ولا في المجامع – انتهى. وقال ابن قدامة بعد ذكر قول عائشة المذكور: وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع، وقول عائشة مختص بمن أحدثت دون غيرها، ولا شك بأن ذلك يكره لها الخروج، وإنما يستحب لهن الخروج غير متطيبات ولا يلبسن ثوب شهرة ولا زينة ويخرجن في ثياب البذلة؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((وليخرجن تفلات)) ، ولا يخالطن الرجال، بل يكن ناحية منهن – انتهى. (متفق عليه) أخرجه البخاري في مواضع ومسلم في العيدين بألفاظ مختلفة، واللفظ الذي أتى به

الصفحة 33